43

دلائل التوفيق لأصح طريق لجمع الصديق

تصانيف

إذ يلزم بثبوتها في الصحف البكرية تكرار كتابة الكلمات التي فيها اختلاف في أوجه القراءة على غرار كتابة المصاحف العثمانية التي بعثها عثمان ﵁ إلى الأمصار، ويترتب على ذلك الجزم بعدم احتواء جمع الصديق ﵁ للأحرف السبعة، والباحث في حدود بحثه لا يعلم عن أحد من السلف قال خلاف هذا القول. والله أعلم. (^١) قال ابن أبي داوود- ﵀ (ت: ٣١٦ هـ) في "كتاب المصاحف": " ظفر هذا الجمع باتفاق الصحابة ﵃ على صحته ودقته وأجمعوا على سلامته من الزيادة أو النقصان وتَلقَّوه بالقبول والعناية التي يستحقها حتى قال عليّ بن أبي طالب- ﵁: "أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر فإنه أول من جمع ما بين اللوحين ". (^٢) قال الحافظ ابن حجر ﵀: وإذا تأمَّل المنصف ما فعله أبو بكرٍ من ذلك جزم بأنه يعد في فضائله، ويُنوِّه بعظيم منقبته؛ لثبوت قوله ﷺ: من سنَّ سنة حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بِها. (^٣) ثم قال: فما جمع القرآن أحدٌ بعده إلا وكان له مثل أجره إلى يوم القيامة. (^٤) وجمع أبي بكرٍ هو الذي نسخ منه المصحف الإمام ولم يتغير منه شيء. المبحث السادس: منهج أبي بكر الذي وضعه لـ " زيد بن ثابت " في جمع وتدوين القرآن الكريم لقد نهج الصديق-رضي الله الله عنه- نهجًا محكمًا وطريقة متقنة بلغتا مبلغًا عظيمًا من الدقة والإحكام والإتقان في جمع القرآن الكريم، ثم أمر زيدًا- رضي الله الله عنه - بجمعه القُرْآن وفق الخطة والطريقة التي وضعها له والتي فيها من أخذ الحيطة ووضع الضمان والأمان لصيانة كتاب الله ولوزم الحذر والدقة والتأني والتثبُّت، فلم يكتفِ- ﵁ بما حفظ في صدره ولا بما سطره بيده ولا بما سمع بأذنه، بل جعل يتتبع ويستقصي كل أسباب التحري والدقة والإتقان والحيطة، آخذًا على نفسه الاعتماد في على مصدرين رئيسين: المصدر الأول: المكتوب في السطور، وهو ما كتب بين يدَيْ رسول الله ﷺ. - والمصدر الثاني: المحفوظ في الصدور، وهو ما كان محفوظًا في صدور الصحابة ﵃. فلا يقبل شيئًا من المكتوب حتى يشهد له شاهدان عدلان أنه كُتب بين يدَيْ رسول الله- ﷺ وذلك لأخذ الحيطة والحذر والتأكد من إنه كُتِبَ فعلًا بين يدي رسول الله- ﷺ. روى ابن شبة عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب (ت: ١٠٤ هـ) قال: أراد عمر- ﵁ أن يجمع القرآن، فقام في الناس، فقال: من كان تلقَّى من رسول الله- ﷺ شيئًا من القُرْآن فليأتِنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئًا حتى يشهد شاهدان. (^٥) المراد بالشاهدين: قال الحافظ ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ) ﵀: المراد بالشاهدين:

(^١) يُنظر: عرفة بن طنطاوي، الشفعة بين الجمع العثماني والأحرف السبعة: (ص: ٦٧٨). بتصرف يسير. (^٢) - المصاحف: لابن أبي داود السجستاني: (ص: ١١). (^٣) رواه مسلم عن جرير بن عبد الله: باب العلم، باب من سن سنة حسنة. صحيح مسلم مع شرح النووي (١٦/ ٢٢٥ - ٢٢٦). (^٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٨/ ٦٢٨). - رواه مسلم عن جرير بن عبد الله: باب العلم، باب من سن سنة حسنة. صحيح مسلم مع شرح النووي (١٦/ ٢٢٥ - ٢٢٦). - فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٨/ ٦٢٨). (^٥) تاريخ المدينة لابن شبة صـ ٧٠٥.

67 / 139