246

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

تصانيف

لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ». (صحيح رواه ابن ماجه).
ومن تسخط مِن رِزْقِه فإنما هو يسخط على مَن رَزَقَه، ومن شكا قلّته للخلق فإنما هو يشكو خالقه ﷿ للخلق. وقد شكا رجل إلى قوم ضيقًا في رزقه فقال له بعضهم: «شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك».
٤ - الفلاح والبشرى لمن قنع: فعن عبد الله بن عمرو ﵄ أن رسول الله ﵌ قال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ» (رواه مسلم).
(الْكَفَاف: الْكِفَايَة بِلَا زِيَادَة وَلَا نَقْص).
٥ - الوقاية من الذنوب التي تفتك بالقلب وتذهب الحسنات: كالحسد، والغيبة، والنميمة، والكذب، وغيرها من الخصال الذميمة والآثام العظيمة؛ ذلك أن الحامل على الوقوع في كثير من تلك الكبائر غالبًا ما يكون استجلاب دنيا أو دفع نقصها. فمن قنع برزقه لا يحتاج إلى ذلك الإثم، ولا يداخل قلبه حسد لإخوانه على ما أوتوا؛ لأنه رضي بما قسم له.
قال ابن مسعود ﵁: «اليقين ألا تُرضِي الناس بسخط الله؛ ولا تحسد أحدًا على رزق الله، ولا تلم أحدًا على ما لم يؤتك الله؛ فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يردّه كراهة كاره؛ فإن الله ﵎ بقسطه وعلمه وحكمته جعل الرَّوْح والفرح في اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط». (الرَّوْح: أي: الراحة).
قال بعض الحكماء: «وجدت أطول الناس غمًّا الحسود، وأهنأهم عيشًا القنوع».
٦ - حقيقة الغنى في القناعة: ولذا رزقها الله ﷿ نبيه محمدًا ﵌ وامتن عليه بها فقال ﷿: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ (الضحى:٨).فقد نزَّلها بعض العلماء على غنى النفس؛ لأن الآية مكية، ولا يخفى ما كان فيه النبي ﵌ قبل أن تفتح عليه خيبر وغيرها من قلة المال.
وذهب بعض المفسرين إلى أن الله ﷿ جمع له الغنائين: غنى القلب، وغنى المال بما

1 / 265