لِلْقِتَالِ، فَأَصَابَهُ سَهْم فَقَتَلَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْمُرَاد شُهَدَاء فِي أَحْكَام الْآخِرَة، وَعَظِيم ثَوَاب الشُّهَدَاء. وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا ذِكْرُ سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاص فِي الشُّهَدَاء فإِنَّمَا سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ.
إني أُحبُّ أبا حَفْصٍ وشِيعَتَهُ ... كما أحِب عَتِيقًا صَاحِبَ الغَارِ
وقدْ رضِيتُ عليًا قُدوةً عَلَمًا ... ومَا رَضِيتُ بقَتْلِ الشيْخِ في الدَّارِ
كلُّ الصحَابَةِ سَادَاتِي ومُعْتَقَدِي ... فهَلْ عَلَيَّ بهذَا القَوْلِ مِنْ عَارِ
(أبا حفص: عمر، العتيق: أبو بكر، الشيخ: عثمان ﵃).
١٣ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ ﵌ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا.
قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ ﵌، فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا.
فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللهِ ﵌ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ ﵌ الْيَوْمَ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللهِ ﵌ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ ﵌ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ ﵌ وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ.
ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدْ اللهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﵌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا
1 / 172