* قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ (النساء:٥٩) قال العلماء: معناه: إلى الكتاب والسنة، فأمر سبحانه برد الأمر في حالة النزاع إلى كتابه العزيز وسنة نبيه ﵌ ففي حالة الوفاق أولى.
فإذًا الواجب علينا معاشر المسلمين اتباعه ﵌ في جميع أقواله وأفعاله والتأسي به في سائر أحواله، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ (الحشر:٧)، وما أخبث رجلًا ترك سبيل السُنة الشارحة للكتاب، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور:٦٣).
* قال الحافظ ابن كثير: «﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ أي: عن أمر رسول الله ﵌، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من كان كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله ﵌ أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (رواه البخاري ومسلم).
أي: فليحذر ولْيَخْش من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا ﴿أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة ﴿أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي: في الدنيا، بقتل أو حد أو حبس، أو نحو ذلك».
* قال رسول الله ﵌: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (رواه البخاري ومسلم).
قال الإمام النوويُّ: «قَالَ أَهْل الْعَرَبِيَّة: (الرَّدّ) هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْدُود، وَمَعْنَاهُ: فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ. وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه ﵌ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات ... وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات، وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ».
قال الحافظ ابن رجب: «فمن تقرب إلى الله بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله
1 / 138