الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الرابعة ١٤٢٠هـ
سنة النشر
١٩٩٩م
تصانيف
على المجالس.
وقد حذر النبي ﷺ من التصوير بجميع أنواعه، ونهى عنه، وتوعد من فعله بأشد الوعيد، وأمر بطمس الصور وتغيرها؛ لأن التصوير فيه مضاهاة لخلق الله ﷿، الذي انفرد بالخلق؛ فهذا الإنسان المصور يحاول أن يضاهي الله ﷿ فيما انفرد به من الخلق، ولأن التصوير وسيلة من وسائل الشرك؛ فأول حدوث الشرك في الأرض كان بسبب التصوير؛ لما زين الشيطان لقوم نوح تصوير الصالحين، ونصب صورهم على المجالس؛ لأجل تذكر أحوالهم، والاقتداء بهم في العبادة، حتى آل الأمر إلى عبادة تلك الصور، واعتقاد أنها تنفع وتضر من دون الله.
فالتصوير هو منشأ الوثنية؛ لأن تصوير المخلوق تعظيم له، وتعلق به في الغالب، خصوصا إذا كان المصور له شأن من سلطة أو علم أو صلاح، وخصوصا إذا عظمت الصورة بنصبها على حائط أو إقامتها في شارع أو ميدان؛ فإن ذلك يؤدي إلى التعلق بها من الجهال وأهل الضلال، ولو بعد حين، ثم هذا - أيضا - فيه فتح باب لنصب الأصنام والتماثيل التي تعبد من دون الله.
وسأورد الأحاديث الصحيحة والصريحة في هذا الموضوع مع التعليق عليها بما تيسر.
١- عن أبي هريرة ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟! فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة"، أخرجه البخاري ومسلم.
ومعناه: لا أحد أشد ظلما من المصور؛ لأنه لما صور الصورة على شكل ما خلقه الله من إنسان أو بهيمة أو غيرهما من ذوات الأرواح؛ صار مضاهيا لخلق الله، الذي هو خالق كل شيء، وهو رب كل شيء، وهو الذي صور جميع
1 / 58