136

الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الرابعة ١٤٢٠هـ

سنة النشر

١٩٩٩م

تصانيف

أما الرسل وأتباعهم - خصوصا محمدًا صلى الله عليه وسلموصحابته الكرام والذين اتبعوهم بإحسان؛ فهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، وينكرون على من يخالف هذا المنهج.
فقد روى عبد الرازق عن معمر عن طاووس عن أبيه عن ابن عباس؛ أنه رأى رحلًا انتفض لما سمع حديثا عن النبي ﷺ في الصفات؛ استنكار لذلك؛ فقال: "ما فرق هؤلاء؟، يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه؟! "؛ يشير ﵁ إلى أناس يحضرون مجلسه من عامة الناس؛ بأنهم إذا سمعوا شيئا من نصوص الصفات، وهي من المحكم؛ حصل معهم فرق - أي: خوف، وانتفضوا كالمنكرين لها، فهم كالذين قال الله فيهم: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ ١، فيدعون المحكم، ويتبعون المتشابه، ويؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض.
ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه، يقرؤها المسلمون ويتدارسونها، ويفهمون معناها ولا ينكرون منها شيئا.
قال وكيع: "أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث [يعني: أحاديث الصفات] ولا ينكرونها ... " انتهى.
وإنما ينكرها المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، الذين ساروا على منهج مشركي قريش، الذين يكفرون بالرحمن، ويلحدون في أسماء الله، وقد قالتعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ٢؛ فأثبت لنفسه الأسماء الحسنى، وأمر أن يُدعى بها، وكيف يُدعى بما لا يسمى به ولا يفهم معناه على زعم هؤلاء؟! وتوعد الذين يلحدون في أسمائه فينفونها عنه أو يؤولونها عن

١ سورة آل عمران، الآية ٧.
٢ سورة الأعراف، الآية ١٨٠.

1 / 144