116

الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الرابعة ١٤٢٠هـ

سنة النشر

١٩٩٩م

تصانيف

الأمة الذين فيهم كفر أو شرك يخرجهم من الإسلام بالكلية إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام، وتمنع قبول أعمالهم؛ فهذا النوع - أيضا - قد ذكر في هذه الآية عن أنس ابن مالك وغيره، وكان السلف يخافون منها. انتهى ما ذكره ﵀.
والآيتان تتناولان هذه الأنواع الأربعة؛ لأن لفظها عام.
فالأمر خطير، يوجب على المسلم الحذر من أن يطلب بعمل الآخرة طمع الدنيا.
وقد جاء في صحيح البخاري أن من كان قصده الدنيا يجري وراءها بكل همه؛ أنه يصير عبدًا لها:
فعن أبي هريرة ﵁؛ قال: قال رسول الله ﷺ: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطى رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك، فلا انتفش".
ومعنى"تعس" لغة: سقط، والمراد هنا هلك، وسماه عبدًا لهذه الأشياء؛ لكونها هي المقصودة بعمله؛ فكل من توجه بقصده لغير الله؛ فقد جعله شريكا له في عبوديته؛ كما هو حال الأكثر.
وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلمفي هذا الحديث على من جعل الدنيا قصده وهمه بالتعاسة والانتكاسة وإصابته بالعجز عن انتقاش الشوك من جسده، ولا بد أن يجد أثر هذه الدعوات كل من اتصف بهذه الصفة الذميمة؛ فيقع فيما يضره في دنياه وآخرته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "فسماه النبي ﷺ عبد الدينار والدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة، وذكر فيها ما هو دعاء بلفظ الخبر، وهو

1 / 124