حراسة الفضيلة
الناشر
دار العاصمة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الحادية عشر
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
والآن آل الكلام في نقد هذه المطالب المنحرفة منحصرًا في أمرين:
الأمر الأول: في تاريخ هاتين النظريتين: الحرية والمساواة، وآثارهما التدميرية في العالم الإسلامي.
ليُعلم أن النداء بتحرير المرأة تحت هاتين النظريتين: حرية المرأة ومساواة المرأة بالرجل، إنما ولدتا على أرض أوربة النصرانية في فرنسا، التي كانت ترى أن المرأة مصدر المعاصي، ومكمن السيئات والفجور، فهي جنس نجس يجتنب، ويحبط الأعمال، حتى ولو كان أُمًَّا أو أختًا.
هكذا نشر رهبان النصارى في أوربا هذا الموقف المعادي المتوتر من المرأة بينما كانوا -أي أولاء الرهبان- مكمن القذارة في الجسد والروح، ومجمع
الجرائم الأخلاقية، ورجال الاختطاف للأطفال، لتربيتهم في الكنائس، وإخراجهم رهبانًا حاقدين، حتى تكاثر عدد الرهبان، وكونوا جمعًا مهولًا أمام الحكومات والرعايا.
ومن هذه المواقف الكهنوتية الغالية الجافية، صار الناس في توتر وكبت شديدين، حتى تولدت من ردود الفعل لديهم، هاتان النظريتان: المناداة بتحرير المرأة باسم: حرية المرأة وباسم: المساواة بين الرجل والمرأة، وشعارهما: رفض كل شيءٍ له صلة بالكنيسة وبرجال الدين الكنسي، وتضاعفت ردود الفعل، ونادوا بأن الدين والعلم لا يتفقان، وأن العقل والدين نقيضان،
وبالغوا في النداءات للحرية المتطرفة الرامية إلى الإباحية والتحلل من أي قيد أو ضابط فطري أو ديني يَمس الحرية، حتى طغت هذه المناداة بحرية المرأة، إلى المناداة بمساواتها بالرجل بإلغاء جميع الفوارق بينهما وتحطيمها، دينية كانت أم اجتماعية، فكل رجل، وكل امرأة، حرٌّ يفعل ما يشاء، ويترك ما يشاء، لا سلطان عليه لدين، ولا أدب، ولا خلق، ولا سلطة. حتى وصلت أوربة ومن ورائها الأمريكتان وغيرهما من بلاد الكفر إلى هذه الإباحية، والتهتك، والإخلال بناموس الحياة، وصاروا مصدر الوباء الأخلاقي للعالم.
1 / 105