حراسة الفضيلة
الناشر
دار العاصمة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الحادية عشر
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ولهذه المعاني وغيرها لا يختلف المسلمون في مشروعية الزواج، وأن الأصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة، لا سيما مع رقة الدين، وكثرة المغريات، إذ العبد ملزم بإعفاف نفسه، وصرفها عن الحرام، وطريق ذلك: الزواج.
ولذا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة، وصيانة دينه وعرضه، ولهذا نهى الله سبحانه عن العَضْلِ، وهو:
منع المرأة من الزواج، قال الله تعالى: ﴿ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن﴾ [البقرة: ٢٣٢] .
ولهذا أيضًا عظَّم الله سبحانه شأن الزواج، وسَمَّى عقده: ﴿ميثاقًا غليظًا﴾ في قوله تعالى: ﴿وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا﴾ [النساء: ٢١] .
وانظر إلى نضارة هذه التسمية لعقد النكاح، كيف تأخذ بمجامع القلوب، وتحيطه بالحرمة والرعاية، فهل يبتعد المسلمون عن اللقب الكنسي (العقد المقدس) الوافد إلى كثير من بلاد المسلمين في غمرة اتباع سَنَن الذين كفروا؟!!
فالزواج صلة شرعية تُبْرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعًا، ولأهميته قَدَّمه أكثر المحدِّثين والفقهاء على الجهاد، ولأن الجهاد لا يكون إلا بالرجال، ولا طريق له إلا بالزواج، وهو يمثل مقامًا أعلى في إقامة الحياة واستقامتها، لما ينطوي عليه من المصالح العظيمة، والحكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها:
١ - حفظ النسل وتوالد النوع الإنساني جيلًا بعد جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامة الشريعة وإعلاء الدين، وعمارة الكون، وإصلاح الأرض، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي
خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً﴾ الآية [النساء: ١]، وقال الله تعالى: ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا﴾ [الفرقان: ٥٤] .
أي: أن الله ﷾ هو الذي خلق الآدمي من ماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنسابًا وأصهارًا متفرقين ومجتمعين، والمادة كلها من
1 / 78