القُطَارَة النَّحْوِيَّة
عَلَى
المُقَدّمَة الآجُرُّومِيَّة
تَأْلِيف
حَازِم خَنْفَر
نُسخَة مُصحَّحة
النشرة الثانية
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
1 / 1
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَوْطِئَة
الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
فَهَذَا شَرْحٌ لِـ «الآجُرُّومِيَّةِ»، وَجِيزٌ، مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ عَوِيصٍ، أَوْرَدْتُ فِيهِ قُطَارَةَ عِلْمِ النَّحْوِ، وَلَمْ أُجَاوِزْ مَسَائِلَ المَتْنِ إِلَّا نَزْرًا، وَكَانَ الرَّأْيُ أَنْ أَسْلُكَ سَبِيلَ المَزْجِ فَحَثَثْتُ نَفْسِي عَلَيْهِ حَتَّى أَنْفَذْتُهُ، وَاللهُ المُوَفِّقُ.
حَازِم خَنْفَر
٥/ ٢/١٤٤١ هـ - ٤/ ١٠/٢٠١٩ م
1 / 3
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
(أَنْوَاعُ الكَلَامِ)
(الكَلَامُ) عِنْدَ النُّحَاةِ: (هُوَ اللَّفْظُ) المَنْطُوقُ بِهِ، (المُرَكَّبُ) مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَأَكْثَرَ - حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا -، (المُفِيدُ) فَائِدَةً تَامَّةً، (بِالوَضْعِ) العَرَبِيِّ؛ أَيْ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.
فَقَوْلُكَ: «زَيْدٌ جَالِسٌ» يُعَدُّ كَلَامًا فِي اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ؛ لأَنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ، مَنْطُوقٌ بِاللِّسَانِ، مُرَكَّبٌ مِنْ جُمْلَةٍ مُفِيدَةٍ، أَفَادَتْ جُلُوسَ زَيْدٍ.
فَخِلَافُ الكَلَامِ العَرَبِيِّ: تَلَفُظُّكَ بِغَيْرِهِ، وَخِلَافُ المَنْطُوقِ بِاللِّسَانِ: الكِتَابَةُ أَوِ الإِشَارَةُ - أَوْ غَيْرُهُمَا - وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى مُفِيدٍ، وَخِلَافُ المُرَكَّبِ: نَحْوُ «زَيْدٌ»، إِلَّا إِذَا وَقَعَتْ مُقَدَّرَةً، نَحْوُ «زَيْدٌ» إِجَابَةً لِسَائِلٍ سَأَلَ: «مَنِ الجالِسُ؟» أَيْ «زَيْدٌ الجَالِسُ»، أَوْ نَحْوُ «اجْلِسْ» أَيِ «اجْلِسْ أَنْتَ»، وَخِلَافُ المُفِيدِ: نَحْوُ «إِنْ جَلَسَ زَيْدٌ»، فَلَيْسَ فِيهِ فَائِدَةٌ تَامَّةٌ لأَنَّ السَّامِعَ لَمْ يَعْرِفْ مَاذَا سَيَقَعُ لَوْ جَلَسَ زَيْدٌ.
(وَأَقْسَامُهُ) أَيِ الكَلَامِ (ثَلَاثَةٌ): الأَوَّلُ (اِسْمٌ، وَ) الثَّانِي (فِعْلٌ، وَ) الثَّالِثُ (حَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى).
(فَالاِسْمُ) هُوَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهَا وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِزَمَنٍ؛ نَحْوُ: رِحْلَةٍ، وَزَيْدٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَرَجُلٍ، وَشَجَرَةٍ، وَكِتَابٍ، وَبِئْرٍ، وَإِيمَانٍ، وَاسْتِخْرَاجٍ.
فَمَعْنَى «الرِّحْلَةِ»: هُوَ الانْتِقَالُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَلَا تَحْتَاجُ الكَلِمَةُ إِلَى كَلَامٍ آخَرَ لِيَدُلَّ عَلَى مَعْنَاهَا، ثُمَّ إِنَّ «الرِّحْلَةَ» لَا تَقْتَرِنُ بِزَمَنٍ، أَلَا تَرَى لَوْ قُلْتُ لَكَ: «الرِّحْلَةُ» لَعَرَفْتَ مَعْنَاهَا لَكِنْ لَنْ تَعْرِفَ أَنَّ الرِّحْلَةَ وَقَعَتْ، أَوْ تَقَعُ الآنَ، أَوْ سَتَقَعُ؟ وَمِثْلُهَا: الرَّحِيلُ وَالارْتِحَالُ.
وَ(يُعْرَفُ) الاسْمُ بِخَمْسِ عَلَامَاتٍ: الأُولَى: (بِالخَفضِ) أَيِ الجَرِّ، نَحْوُ
1 / 5
«صَدِيقِ» فِي قَوْلِكَ: «ذَهَبْتُ لِزِيَارِةِ زَيْدٍ صَدِيقِ أَخِي»، (وَ) الثَّانِيَةُ: بِـ (التَّنْوِينِ)، وَهُوَ الضَّمَّتَانِ أَوِ الفَتْحَتَانِ أَوِ الكَسْرَتَانِ فِي آخِرِ الكَلِمَةِ، نَحْوُ: «زَيْدٍ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ زَيْدٌ»، وَ«رَأَيْتُ زَيْدًا»، وَ«مَرَرْتُ بِزَيْدٍ»، (وَ) الثَّالِثَةُ: بِـ (دُخُولِ الأَلِفِ وَاللَّامِ)، نَحْوُ «السُّوقِ» فِي قَوْلِكَ: «ذَهَبْتُ إِلَى السُّوقِ»، (وَ) الرَّابِعَةُ: بِـ (حُرُوفِ الخَفْضِ، وَهِيَ: «مِنْ»، وَ«إِلَى»، وَ«عَنْ»، وَ«عَلَى»، وَ«فِي»، وَ«رُبَّ»، وَالبَاءُ، وَالكَافُ، وَاللَّامُ)، نَحْوُ «بَيْتِ» فِي قَوْلِكَ: «ذَهَبَ زَيْدٌ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ»، وَقِسْ عَلَيْهِ حُرُوفَ الجَرِّ الأُخْرَى، (وَ) الخَامِسَةُ: بِـ (حُرُوفِ القَسَمِ، وَهِيَ: الوَاوُ، وَالبَاءُ، وَالتَّاءُ) نَحْوُ: «وَاللهِ» فِي قَوْلِكَ: «وَاللهِ مَا رَأَيْتُ زَيْدًا»، وَقِسْ عَلَيْهِ حُرُوفَ القَسَمِ الأُخْرَى.
وَلَا يُرَادُ بِمَا سَبَقَ أَنَّ كُلَّ اسْمٍ لَا بُدَّ أَنْ يَقْبَلَ العَلَامَاتِ جَمِيعَهَا، بَلْ يُكْتَفَى بِقَبُولِ عَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الكَلِمَةِ.
(وَالفِعْلُ) هُوَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهَا وَاقْتَرَنَتْ بِزَمَنٍ؛ نَحْوُ: رَحَلَ وَيَرْحَلُ وَارْحَلْ، وَكَتَبَ وَيَكْتُبُ وَاكْتُبْ، وَاسْتَخْرَجَ وَيَسْتَخْرِجُ وَاسْتَخْرِجْ.
فَمَعْنَى «رَحَلَ»: أَيِ انْتَقَلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَلَا تَحْتَاجُ الكَلِمَةُ إِلَى كَلَامٍ آخَرَ لِيَدُلَّ عَلَى مَعْنَاهَا، ثُمَّ إِنَّ كَلِمَةَ «رَحَلَ» اقْتَرَنَتْ بِزَمَنٍ - وَهُوَ المَاضِي -؛ أَيْ زَمَنٍ سَبَقَ نُطْقَ المُتَكَلِّمِ بِهَا، وَمِثْلُهَا: «يَرْحَلُ» لَكِنْ فِي زَمَنِ نُطْقِهِ بِهَا، وَمِثْلُهَا - أَيْضًا -: «ارْحَلْ» لَكِنْ فِي زَمَنٍ بَعْدَ نُطْقِهِ بِهَا، أَلَا تَرَى لَوْ قُلْتُ لَكَ: «رَحَلَ» لَعَرَفْتَ مَعْنَاهَا وَلَعَرَفْتَ أَنَّ الرِّحْلَةَ وَقَعَتْ، وَلَوْ قُلْتُ لَكَ: «يَرْحَلُ» لَعَرَفْتَ أَنَّ الرِّحْلَةَ تَقَعُ الآنَ، وَلَوْ قُلْتُ لَكَ: «ارْحَلْ» لَعَرَفْتَ أَنَّ الرِّحْلَةَ سَتَقَعُ، فَهَذِهِ إِذَنْ ثَلَاثَةُ أَزْمَانٍ لِلأَفْعَالِ: الأَوَّلُ: لأَمْرٍ وَقَعَ قَبْلَ النُّطْقِ بِهِ، وَهُوَ المَاضِي، وَالثَّانِي: لِأَمْرٍ يَقَعُ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ، وَهُوَ المُضَارِعُ، وَالثَّالِثُ: لِأَمْرٍ سَيَقَعُ بَعْدَ النُّطْقِ بِهِ، وَهُوَ الأَمْرُ، وَمِثْلُهَا: ارْتَحَلَ وَيَرْتَحِلُ وَارْتَحِلْ.
1 / 6
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّوْعَ الثَّانِي - وَهُوَ المُضَارِعُ - يَقَعُ أَيْضًا لِأَمْرٍ بَعْدَ النُّطْقِ بِهِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ القَرِينَةِ المَوْجُودَةِ فِي جُمْلَةِ الفِعْلِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الأَفْعَالِ.
وَ(يُعْرَفُ) الفِعْلُ بِأَرْبَعِ عَلَامَاتٍ: الأُولَى: (بِـ «قَدْ»)، نَحْوُ: «قَامَ» وَ«يَقُومُ» فِي قَوْلِكَ: «قَدْ قَامَ زَيْدٌ»، وَ«قَدْ يَقُومُ زَيْدٌ»، (وَ) الثَّانِيَةُ: بِـ (السِّينِ)، نَحْوُ: «يَقُومُ» فِي قَوْلِكَ: «سَيَقُومُ زَيْدٌ»، (وَ) الثَّالِثَةُ بِـ: («سَوْفَ»)، نَحْوُ: «يَقُومُ» فِي قَوْلِكَ: «سَوْفَ يَقُومُ زَيْدٌ»، (وَ) الرَّابِعَةُ: بِـ (تَاءِ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةِ)، نَحْوُ: «قَامَتْ» فِي قَوْلِكَ: «قَامَتْ هِنْدٌ».
فَحَرْفُ «قَدْ»: عَلَامَةٌ لِلْمَاضِي وَالمُضَارِعِ، أَمَّا السِّينُ وَ«سَوْفَ» فَلِلْمُضَارِعِ، وَأَمَّا تَاءُ التَّأْنِيثِ فَلِلْمَاضِي.
أَمَّا فِعْلُ الأَمْرِ فَعَلَامَتُهُ بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ: الطَّلَبُ مَعَ قَبُولِ يَاءِ المُخَاطَبَةِ؛ نَحْوُ: «اكْتُبْ»، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الكِتَابَةِ مَعَ قَبُولِ دُخُولِ يَاءِ المُخَاطَبَةِ عَلَيْهِ، فَتَقُولُ: «اكْتُبِي»؟
وَالفِعْلُ مِثْلُ الاسْمِ؛ يُكْتَفَى بِقَبُولِ العَلَامَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الكَلِمَةِ.
(وَالحَرْفُ): هُوَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي غَيْرِهَا.
وَيُرَادُ بِالحَرْفِ - هُنَا -: حُرُوفُ المَعَانِي، فَمِنْهَا أَحَادِيٌّ وَثُنَائِيٌّ وَثُلَاثِيٌّ وَرُبَاعِيٌّ وَخُمَاسِيٌّ، نَحْوُ: هَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ، وَ«لَمْ»، وَ«ثُمَّ»، وَ«لَعَلَّ»، وَ«حَتَّى»، وَ«لَكِنَّ».
أَلَا تَرَى أَنَّ «ثُمَّ» لَيْسَ لَهَا مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ، إِذْ هِيَ تَحْتَاجُ إِلَى كَلِمَةٍ أُخْرَى لِتَدُلَّ عَلَى المَعْنَى المُرَادِ مِنَ الجُمْلَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فِيهَا، فَقَوْلُكَ: «قَامَ زَيْدٌ ثُمَّ ذَهَبَ» دَلَّتْ «ثُمَّ» فِيهَا عَلَى مَعْنَى الذَّهَابِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ القِيَامِ.
وَقِسْ عَليْهِ حُرُوفَ المَعَانِي الأُخْرَى.
وَالحَرْفُ عَلَامَتُهُ عَدَمِيَّةٌ؛ فَهُوَ: (مَا لَا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاسْمِ) أَيْ عَلَامَةٌ
1 / 7
مِنْ عَلَامَاتِ الاسْمِ، (وَ) هُوَ أَيْضًا: مَا (لَا) يَصْلُحُ مَعَهُ (دَلِيلُ الفِعْلِ) أَيْ عَلَامَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ الفِعْلِ.
(بَابُ الإِعْرَابِ)
(الإِعْرَابُ) عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ: (هُوَ تَغْيِيرُ) العَلَامَاتِ الَّتِي فِي (أَوَاخِرِ) حُرُوفِ (الكَلِمِ) أَيِ الكَلِمَاتِ المُعْرَبَةِ، مِنْ فَتْحَةٍ وَكَسْرَةٍ وَضَمَّةٍ وَسُكُونٍ، وَذَلِكَ (لِاخْتِلَافِ العَوَامِلِ) أَيِ المُؤَثِّرَاتِ (الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى هَذِهِ الكَلِمَاتِ (لَفْظًا) نَحْوُ: «زَيْدٌ» فِي الضَّمِّ، وَ«زَيْدٍ» فِي الكَسْرِ، وَ«زَيْدًا» فِي الفَتْحِ، (أَوْ تَقْدِيرًا) لِتَعَذُّرِ ظُهُورِ العَلَامَاتِ؛ نَحْوُ: «مُوسَى» فِي الضَّمِّ وَالكَسْرِ وَالفَتْحِ.
فَالمُرَادُ: أَنَّهُ قَدْ يَأْتِي آخِرُ حَرْفٍ مِنِ اسْمٍ مَا فِي جُمْلَةٍ مَا مَضْمُومًا، وَقَدْ يَأْتِي فِي غَيْرِهَا مَفْتُوحًا، وَفِي أُخْرَى مَكْسُورًا، أَلَا تَرَى أَنَّ كَلِمَةَ «زَيْدٍ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ زَيْدٌ»، وَ«رَأَيْتُ زَيْدًا»، وَ«مَرَرْتُ بِزَيْدٍ»: قَدْ تَغَيَّرَتْ عَلَامَةُ الدَّالِ فِيهَا مِنْ ضَمٍّ إِلَى فَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ؟
وَكَذَلِكَ فِي الفِعْلِ: فَقَدْ يأْتِي آخِرُ حَرْفٍ مِنْهُ فِي جُمْلَةٍ مَا مَضْمُومًا، وَفِي غَيْرِهَا مَفْتُوحًا، وفِي أُخْرَى سَاكِنًا، أَلَا تَرَى أَنَّ كَلِمَةَ «يَذْهَبُ» فِي قَوْلِكَ: «يَذْهَبُ زَيْدٌ»، وَ«لَنْ يَذْهَبَ زَيْدٌ»، وَ«لَمْ يَذْهَبْ زَيْدٌ»: قَدْ تَغَيَّرَتْ عَلَامَةُ البَاءِ فِيهَا مِنْ ضَمٍّ إِلَى فَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ؟
وَقَدْ تَأْتِي العَلَامَاتُ مُقَدَّرَةً لِتَعَذُّرِ ظُهُورِهَا أَوْ لِثِقَلِ اللَّفْظِ؛ نَحْوُ: «الفَتَى» فِي الضَّمِّ وَالفَتْحِ وَالكَسْرِ، وَ«القَاضِي» فِي الضَّمِّ وَالكَسْرِ فَقَطْ، وَ«صَدِيقِي» فِي الضَّمِّ وَالفَتْحِ وَالكَسْرِ، وَ«يَخْشَى» فِي الضَّمِّ وَالفَتْحِ فَقَطْ، وَ«يَدْعُو» فِي الضَّمِّ فَقَطْ، وَ«يَرْمِي» فِي الضَّمِّ فَقَطْ.
فَالأَوَّلُ هُوَ الاسْمُ المَقْصُورُ، وَالثَّانِي هُوَ الاسْمُ المَنْقُوصُ، وَالثَّالِثُ هُوَ الاسْمُ
1 / 8
المُضَافُ إِلَى يَاءِ المُتَكَلِّمِ، وَالرَّابِعُ: هُوَ الفِعْلُ المُضَارِعُ المُعْتَلُّ بِالأَلِفِ، وَالخَامِسُ: هُوَ الفِعْلُ المُضَارِعُ المُعْتَلُّ بِالوَاوِ، وَالسَّادِسُ: هُوَ الفِعْلُ المُضَارِعُ المُعْتَلُّ بِاليَاءِ.
فَهَذَا التَّغْيِيرُ الحَاصِلُ فِي الاسْمِ وَالفِعْلِ: سَبَبُهُ المُؤَثِّرَاتُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا؛ فَمِنْهَا مَا كَانَ بِسَبَبِ وُجُودِ الفِعْلِ، أَوْ دُخُولِ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ نَصْبٍ أَوْ جَزْمٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ العَوَامِلِ.
فَهَذَا هُوَ الإِعْرَابُ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ المُؤَثِّرَاتِ فِي أَبْوَابِهَا.
وَلَيْسَتِ الكَلِمَاتُ كُلُّهَا مُعْرَبَةً؛ فَمِنْهَا مَا لَا يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ أَبَدًا، لَا بِسَبَبِ التَّعَذُّرِ أَوِ الثِّقَلِ - كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ -؛ إِنَّمَا بِسَبَبِ وُجُودِ عَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهَا لَا تُفَارِقُهَا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِالبِنَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ كَلِمَةَ «هَؤُلَاءِ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ هَؤُلَاءِ» وَ«رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ» وَ«مَرَرْتُ بِهَؤُلَاءِ» قَدْ بَقِيَتْ مَكْسُورَةَ الآخِرِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالجَرِّ؟ فَهَذَا هُوَ البِنَاءُ، وَهُوَ: مَا لَا يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ، وَيُقَالُ فِيهِ: مَبْنِيٌ عَلَى الكَسْرِ، وَلَا يُقَالُ: مَرْفُوعٌ فِي المِثَالِ الأَوَّلِ، وَلَا مَنْصُوبٌ فِي الثَّانِي، وَلَامَجْرُورٌ فِي الثَّالِثِ.
وَالإِعْرَابُ يَكُونُ فِي أَكْثَرِ الأَسْمَاءِ، وَفِي الفِعْلِ المُضَارِعِ فِي حَالَتِهِ الإِعْرَابِيَّةِ.
أَمَّا البِنَاءُ فَيَكُونُ فِي: حُرُوفِ المَعَانِي كُلِّهَا، وَالفِعْلِ المَاضِي، وَفِعْلِ الأَمْرِ، وَبَعْضِ الأَسْمَاءِ، وَبَعْضِ أَحْوَالِ الفِعْلِ المُضَارِعِ.
(وَأَقْسَامُهُ) أَيِ الإِعْرَابِ (أَرْبَعَةٌ): الأَوَّلُ: (رَفْعٌ) أَيِ الضَّمَّةُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا، (وَ) الثَّانِي: (نَصْبٌ) أَيِ الفَتْحَةُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا، (وَ) الثَّالِثُ: (خَفْضٌ) أَيِ الكَسْرَةُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا، (وَ) الرَّابِعُ: (جَزْمٌ) أَيِ السُّكُونُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وٍَسَيَأْتِي ذِكرُ كُلِّ عَلَامَةٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي بَابِ مَعْرِفَةِ عَلَامَاتِ الإِعْرَابِ.
(فَلِلْأَسْمَاءِ مِنْ ذَلِكَ) التَّقْسِيمِ ثَلَاثَةٌ: الأَوَّلُ: (الرَّفْعُ)، نَحْوُ: «زَيْدٌ»، (وَ) الثَّانِي: (النَّصْبُ)، نَحْوُ: «زَيْدًا»، (وَ) الثَّالِثُ: (الخَفْضُ) أَيِ الجَرُّ، نَحْوُ «زَيْدٍ»،
1 / 9
(وَلَا جَزْمَ فِيهَا) أَيْ فِي الأَسْمَاءِ، فَلَا يُقَالُ: «زَيْدْ».
(وَلِلأَفْعَالِ مِنْ ذَلِكَ) التَّقْسِيمِ ثَلَاثَةٌ: الأَوَّلُ: (الرَّفْعُ)، نَحْوُ: «يَذْهَبُ»، (وَ) الثَّانِي: (النَّصْبُ)، نَحْوُ: «يَذْهَبَ»، (وَ) الثَّالِثُ: (الجَزْمُ)، نَحْوُ: «يَذْهَبْ»، (وَلَا خَفْضَ فِيهَا) أَيْ فِي الأَفْعَالِ، فَلَا يُقَالُ: «يَذْهَبِ».
(بَابُ مَعْرِفَةِ عَلَامَاتِ الإِعْرَابِ)
هَذَا بَابٌ لِمَعْرِفَةِ شَكْلِ الإِعْرَابِ الصَّحِيحِ لِكَلِمَةٍ مَا فِي جُمْلَةٍ مَا بَعْدَ أَنْ حَكَمْتَ عَلَيْهَا مُسْبَقًا بِالرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ أَوِ الخَفْضِ أَوِ الجَزْمِ.
وَقَدْ عَلِمْتَ فِي البَابِ السَّابِقِ أَنَّ الأَصْلَ فِي رَفْعِ الكَلِمَةِ: الضَّمَّةُ، وَفِي النَّصْبِ: الفَتْحَةُ، وَفِي الخَفْضِ: الكَسْرَةُ، وَفِي الجَزْمِ: السُّكُونُ.
لَكِنَّ هَذَا الأَصْلَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ؛ إِذْ قَدْ يَقُومُ مَقَامَ الضَّمَّةِ شَكْلٌ آخَرُ مِنْ أَشْكَالِ الرَّفْعِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الفَتْحَةِ عِنْدَ النَّصْبِ، وَالكَسْرَةِ عِنْدَ الخَفْضِ، وَالسُّكُونِ عِنْدَ الجَزْمِ، فَجَمِيعُهَا لَهَا أَشْكَالٌ أُخْرَى تَقُومُ مَقَامَ الأَصْلِ، كُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ، أَلَا تَرَى لَوْ قُلْتَ: «جَاءَ الرَّجُلُ» وَحَكَمْتَ عَلَى كَلِمَةِ «الرَّجُلُ» فِي الجُمْلَةِ بِالرَّفْعِ لَوَضَعْتَ ضَمَّةً عَلَى اللَّامِ لِأَنَّ الضَّمَّةَ عَلَامَةُ الرَّفْعِ؟ لَكِنْ أَلَا تَرَى لَوْ كَانَ الآتِي رَجُلًا وَمَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ، لَقُلْتَ: «جَاءَ الرَّجُلَانِ»؟ فَلَا ضَمَّةَ هُنَا؛ فَقَدْ قَامَ مَقَامَهَا عَلَامَةٌ أُخْرَى لِلرَّفْعِ.
فَلَا بُدَّ مِنْ معْرِفَةِ عَلَامَاتِ الإِعْرَابِ الأَصْلِيَّةِ وَالفَرْعِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالخَفْضِ وَالجَزْمِ.
فَـ (لِلرَّفْعِ أَرْبَعُ عَلَامَاتٍ): الأُولَى: (الضَّمَّةُ، وَ) الثَّانِيَةُ: (الوَاوُ، وَ) الثَّالِثَةُ: (الأَلِفُ، وَ) الرَّابِعَةُ: (النُّونُ).
(فَأَمَّا الضَّمَّةُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ): الأَوَّلُ: (فِي الاسْمِ
1 / 10
المُفْرَدِ)، وَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَى الوَاحِدِ؛ نَحْوُ «زَيْدٌ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ زَيْدٌ»، (وَ) الثَّانِي: فِي (جَمْعِ التَّكْسِيرِ)، وَهُوَ: كُلُّ اسْمٍ جَمِعُ فَتَغَيَّرَتْ صِيغَةُ مُفْرَدِهِ - شَكْلًا أَوْ زِيَادَةً أَوْ
نَقْصًا -؛ نَحْوُ: «الأَبْطَالُ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ الأَبْطَالُ»، أَلَا تَرَى أَنَّ مُفْرَدَ «أَبْطَالُ»: «بَطَلٌ» وَقَدْ تَغَيَّرَتْ صِيغَةُ مُفْرَدِهِ عِنْدَ الجَمْعِ؟ فَالبَاءُ تَغَيَّرَتْ مِنْ فَتْحَةٍ إِلَى سُكُونٍ، وَزَادَتْ هَمْزَةٌ فِي أَوَّلِهِ وَأَلِفٌ فِي وَسَطِهِ، فَتَغَيَّرَتْ صِيغَةُ مُفْرَدِهِ شَكْلًا وَزِيَادَةً، (وَ) الثَّالِثُ: فِي (جَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ)، وَهُو كُلُّ اسْمٍ جُمِعَ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ زَائِدَتَيْنِ فِي آخِرِهِ وَسَلِمَ مُفْرَدُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ؛ نَحْوُ: «الطَّالِبَاتُ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَتِ الطَّالِبَاتُ»، (وَ) الرَّابِعُ: فِي (الِفعْلِ المُضَارِعِ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ)، نَحْوُ: «يَذْهَبُ» فِي قَوْلِكَ: «يَذْهَبُ زَيْدٌ».
(وَأَمَّا الوَاوُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي مَوْضِعَيْنِ): الأَوَّلُ: (فِي جِمْعِ المُذَكَّرِ السَّالِمِ)، وَهُو كُلُّ اسْمٍ جُمِعَ بِوَاوٍ وَنُونٍ أَوْ يَاءٍ وَنُونٍ فِي آخِرِهِ وَسَلِمَ مُفْرَدُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، نَحْوُ: «المُعَلِّمُونَ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ المُعَلِّمُونَ»، (وَ) الثَّانِي: (فِي الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ) المُضَافَةِ، (وَهِيَ: أَبُوكَ، وَأَخُوكَ، وَحَمُوكَ، وَفُوكَ، وَذُو مَالٍ)، نَحْوُ: «أَبُوكَ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ أَبُوكَ».
(وَأَمَّا الأَلِفُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي تَثْنِيَةِ الأَسْمَاءِ خَاصَّةً)، نَحْوُ: «الرَّجُلَانِ» فِي قَوْلِكَ: «جَاءَ الرَّجُلَانِ».
(وَأَمَّا النُّونُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي) مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ فِي (الفِعْلِ المُضَارِعِ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرُ تَثْنِيَةٍ، أَوْ ضَمِيرُ جَمْعٍ، أَوْ ضَمِيرُ المُؤَنَّثَةِ المُخَاطَبَةِ)، فَالأَوَّلُ نَحْوُ «يَذْهَبَانِ» وَ«تَذْهَبَانِ»، وَالثَّانِي: «يَذْهَبُونَ» وَ«تَذْهَبُونَ»، وَالثَّالِثُ: «تَذْهَبِينَ»، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى بِالأَفْعَالِ الخَمْسَةِ.
(وَلِلنَّصْبِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ): الأُولَى: (الفَتْحَةُ، وَ) الثَّانِيَةُ: (الأَلِفُ، وَ) الثَّالِثَةُ: (الكَسْرَةُ، وَ) الرَّابِعَةُ: (اليَاءُ، وَ) الخَامِسَةُ: (حَذْفُ النُّونِ).
1 / 11
(فَأَمَّا الفَتْحَةُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ): الأَوَّلُ: (فِي الاسْمِ المُفْرَدِ)؛ نَحْوُ «زَيْدًا» فِي قَوْلِكَ: «رَأَيْتُ زَيْدًا»، (وَ) الثَّانِي: فِي (جَمْعِ التَّكْسِيرِ)؛ نَحْوُ: «الأَبْطَالَ» فِي قَوْلِكَ: «رَأَيْتُ الأَبْطَالَ»، (وَ) الثَّالِثُ: فِي (الفِعْلِ المُضَارِعِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ نَاصِبٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ)؛ نَحْوُ: «يَذْهَبَ» فِي قَوْلِكَ: «لَنْ يَذْهَبَ زَيْدٌ».
(وَأَمَّا الأَلِفُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي) مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ: فِي (الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ) المُضَافَةِ؛ (نَحْوُ): «أَبَاكَ» وَ«أَخَاكَ» فِي قَوْلِكَ: («رَأَيْتُ أَبَاكَ»، وَ) «رَأَيْتُ (أَخَاكَ»، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).
(وَأَمَّا الكَسْرَةُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي) مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ: فِي (جَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ)، نَحْوُ: «الطَّالِبَاتِ» فِي قَوْلِكَ: «رَأَيْتُ الطَّالِبَاتِ».
(وَأَمَّا اليَاءُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي) مَوْضِعَيْنِ: الأَوَّلُ: فِي (التَّثْنِيَةِ) نَحْوُ: «الرَّجُلَيْنِ» فِي قَوْلِكَ: «رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ»، (وَ) الثَّانِي: فِي (الجَمْعِ) المُذَكَّرِ السَّالِمِ، نَحْوُ: «المُعَلِّمِينَ» فِي قَوْلِكَ: «رَأَيْتُ المُعَلِّمِينَ».
(وَأَمَّا حَذْفُ النُّونِ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ النُّونِ)، نَحْوُ «لَنْ يَذْهَبَا» وَ«لَنْ تَذْهَبَا» وَ«لَنْ يَذْهَبُوا» وَ«لَنْ تَذْهَبُوا» وَ«لَنْ تَذْهَبِي».
(وَلِلْخَفْضِ) أَيِ الجَرِّ (ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ): الأُولَى: (الكَسْرَةُ، وَ) الثَّانِيَةُ: (اليَاءُ، وَ) الثَّالِثَةُ: (الفَتْحَةُ).
(فَأَمَّا الكَسْرَةُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ): الأَوَّلُ: (فِي الاسْمِ المُفْرَدِ المُنْصَرِفِ) أَيِ الَّذِي يَقْبَلُ التَّنْوِينَ؛ نَحْوُ: «مَرَرْتُ بِالمُعَلِّمِ»، فَلَا يُرَادُ بِالمُنْصَرِفِ: وُجُودُ التَّنْوِينِ فِي الكَلِمَةِ، إِنَّمَا يُرَادُ قَبُولُ التَّنْوِينِ وَإِنْ لَمْ يُوْجَدْ، أَلَا
1 / 12
تَرَى أَنَّ كَلِمَةَ «المُعَلِّمِ» تَقْبَلُ التَّنْوِينَ، فَتَقُولُ: «مُعَلِّمٌ» وَ«مَعُلِّمًا» وَ«مُعَلِّمٍ»، أَمَّا «عُمَرُ» فَلَا يَقْبَلُ التَّنْوِينَ لأَنَّهُ اسْمٌ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ، فَتَقُولُ: «عُمَرُ» فِي الرَّفْعِ، وَ«عُمَرَ» فِي النَّصْبِ وَالجَزْمِ، وَلَا تَقُولُ: «عُمَرٌ» وَ«عُمَرًا» وَ«عُمَرٍ»، وَلِهَذَا جَاءَ هَذَا التَّقْيِيدُ احْتِرَازًا مِنَ الاسْمِ غَيْرِ المُنْصَرِفِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، (وَ) الثَّانِي: فِي (جَمْعِ التَّكْسِيرِ المُنْصَرِفِ) أَيِ الَّذِي يَقْبَلُ التَّنْوِينَ؛ نَحْوُ: «الأَصْحَابِ» فِي قَوْلِكَ: «مَرَرْتُ بِالأَصْحَابِ»، وَهَذَا التَّقْيِيدُ احْتِرَازًا مِنْ جَمْعِ التَّكْسِيرِ غَيْرِ المُنْصَرِفِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ، (وَ) الثَّالِثُ: (فِي جَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ)، نَحْوُ: «الطَّالِبَاتِ» فِي قَوْلِكَ: «مَرَرْتُ بِالطَّالِبَاتِ».
(وَأَمَّا اليَاءُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ): الأَوَّلُ: (فِي الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ) المُضَافَةِ، نَحْوُ: «أَبِيكَ» فِي قَوْلِكَ: «مَرَرْتُ بِأَبِيكَ»، وَقِسْ عَلَيْهِ الأَسْمَاءَ الأُخْرَى، (وَ) الثَّانِي: (فِي التَّثْنِيَةِ)؛ نَحْوُ: «الرَّجُلَيْنِ» فِي قَوْلِكَ: «مَرَرْتُ بِالرَّجُلَيْنِ»، (وَ) الثَّالِثُ: فِي (الجَمْعِ) المُذَكَّرِ السَّالِمِ؛ نَحْوُ: «المُعَلِّمِينَ» فِي قَوْلِكَ: «مَررْتُ بِالمُعَلِّمِينَ».
(وَأَمَّا الفَتْحَةُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي) مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ: فِي (الاسْمِ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ)، أَيِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّنْوِينَ، نَحْوُ: «عُمَرَ» فِي قَوْلِكَ: «مَرَرْتُ بِعُمَرَ».
وَالأَسْمَاءُ غَيْرُ المُنْصَرِفَةِ هِيَ:
١ - العَلَمُ الأَعْجَمِيُّ الزَّائِدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ؛ نَحْوُ: «إِبْرَاهِيمَ».
٢ - وَالعَلَمُ المُؤَنَّثُ - اللَّفْظِيُّ أَوِ المَعْنَوِيُّ -؛ نَحْوُ: «حَمْزَةَ» وَ«عَائِشَةَ»، وَ«زَيْنَبَ» وَ«سُعَادَ»، إِلَّا إِذَا كَانَ المُؤَنَّثُ المَعْنَوِيُّ سَاكِنَ الوَسَطِ؛ فَيَجُوزُ فِيهِ الصَّرْفُ وَالمَنْعُ، نَحْوُ: «هِنْدَ» وَ«هِنْدٍ».
1 / 13
٣ - وَالعَلَمُ الَّذِي عَلَى وَزْنِ «فُعَلَ»، نَحْوُ: «عُمَرَ».
٤ - وَالعَلَمُ الَّذِي عَلَى وَزْنِ الفِعْلِ، نَحْوُ: «يَزِيدَ»، وَ«أَحْمَدَ».
٥ - وَالعَلَمُ المَخْتُومُ بِأَلِفٍ وَنُونٍ زَائِدَتَيْنِ، نَحْوُ: «عُثْمَانَ»، وَ«عِمْرَانَ»، وَ«سَلْمَانَ».
٦ - وَالعَلَمُ المُرَكَّبُ تَرْكِيبًا مَزْجِيًّا، نَحْوُ: «مَعْدِيكَرِبَ»، وَ«حَضْرَمَوْتَ»، وَ«بَعْلَبَكَّ».
٧ - وَالوَصْفُ الَّذِي عَلَى وَزْنِ «أَفْعَلَ»، نَحْوُ: «أَحْسَنَ»، وَ«أَفْضَلَ».
٨ - وَالوَصْفُ الَّذِي عَلَى وَزْنِ «فَعْلَانَ»، نَحْوُ «عَطْشَانَ».
٩ - وَالوَصْفُ المَعْدُولُ الَّذِي عَلَى وَزْنِ «مَفْعَلَ»، وَ«فُعَالَ»، نَحْوُ: «مَثْنَى»، وَ«ثُلَاثَ».
١٠ - وَالاسْمُ المَخْتُومُ بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ - المَمْدُودَةِ وَالمَقْصُورَةِ -، نَحْوُ: «حَسْنَاءَ» وَ«عُلَمَاءَ»، وَ«حُبْلَى» وَ«ذِكْرَى».
١١ - وَصِيغَةُ مُنْتَهَى الجُمُوعِ، وَهِيَ: جَمْعُ التَّكْسيرِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ أَلِفِ تَكْسِيرِهِ حَرْفَانِ، نَحْوُ: «مَسَاكِنَ»، وَ«أَكَارِمَ»، أَوْ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ وَسَطُهَا سَاكِنٌ، نَحْوُ: «مَصَابِيحَ»، وَ«عَصَافِيرَ».
وَيُصْرَفُ غَيْرُ المُنْصَرِفِ إِذَا عُرِّفَ بِـ «أَلْ» أَوْ بِالإضَافَةِ.
فَالأَوَّلُ نَحْوُ: «فِي المَسَاجِدِ الَّتِي فِي المَدِينَةِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ المُصَلِّينَ».
وَالثَّانِي نَحْوُ: «فِي مَسَاجِدِ المَدِينَةِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ المُصَلِّينِ».
فَـ «مَسَاجِدُ»: اسْمٌ غَيْرُ مُنْصِرِفٍ؛ لأَنَّهُ جَمْعٌ عَلَى صِيغَةِ مُنْتَهَى الجُمُوعِ، فَحَقُّهُ الَفْتَحَةُ عِنْدَ الخَفْضِ، إِلَّا أَنَّهُ صُرِفَ فِي المِثَالِ الأَوَّلِ بِـ «أَلْ»، وَالثَّانِي
1 / 14
بِالإِضَافَةِ.
(وَلِلْجَزمِ عَلَامَتَانِ): الأُولَى: (السُّكُونُ، وَ) الثَّانِيَةُ: (الحَذْفُ).
(فَأَمَّا السُّكُونُ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي) مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ: فِي (الفِعْلِ المُضَارِعِ الصَّحِيحِ الآخِرِ)، أَيِ الَّذِي لَيْسَ فِي آخِرِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ، وَهِيَ: الأَلِفُ وَالوَاوُ وَاليَاءُ؛ نَحْوُ: «يَذْهَبْ» فِي قَوْلِكَ: «لَمْ يَذْهَبْ زَيْدٌ».
(وَأَمَّا الحَذْفُ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي) مَوْضِعَيْنِ: الأَوَّلُ: فِي (الفِعْلِ المُضَارِعِ المُعْتَلِّ الآخِرِ)، أَيِ الَّذِي فِي آخِرِهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ، وَهِيَ: الوَاوُ وَالأَلِفُ وَاليَاءُ، فَيُحْذَفُ عِنْدَ الجَزْمِ، نَحْوُ: «لَمْ يَدْعُ»، وَ«لَمْ يَخْشَ»، وَ«لَمْ يَرْمِ»، (وَ) الثَّانِي: (فِي الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَات النُّونِ)، فَتُحْذَفُ النُّونُ، نَحْوُ: «لَمْ يَذْهَبَا»، وَ«لَمْ تَذْهَبَا»، وَ«لَمْ يَذْهَبُوا»، وَ«لَمْ تَذْهَبُوا»، وَ«لَمْ تَذْهَبِي».
(فَصْلٌ: المُعْرَبَاتُ)
هَذَا الفَصْلُ حَوَى كُلَّ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ مَعْرِفَةِ عَلَامَاتِ الإِعْرَابِ، لَكِنْ عَلَى نَسَقٍ آخَرَ؛ فَفِي البَابِ كَانَتِ العَلَامَاتُ هِيَ الأَصْلَ، وَالموَاضِعُ هِيَ الفَرْعَ، أَمَّا المُقَرَّرُ هُنَا فِي هَذَا الفَصْلِ فَالمَوَاضِعُ هِيَ الأَصْلُ، وَالعَلَامَاتُ هِيَ الفَرْعُ؛ فَهَذَا الفَصْلُ خُلَاصَةُ مَا ذُكِرَ فِي البَابِ.
فَـ (المُعْرَبَاتُ) أَيِ الكَلِمَاتُ المُعْرَبَةُ (قِسْمَانِ):
الأَوَّلُ: (قِسْمٌ يُعْرَبُ بِالحَرَكَاتِ) أَيْ بِالضَّمَّةِ وَالفَتْحَةِ وَالكَسْرَةِ - وُجُودًا -، وَبِالسُّكُونِ - عَدَمًا -؛ فَإِنَّ السُّكُونَ لَيْسَ بِحَرَكَةٍ، إِنَّمَا هُوَ نَفْيُ الحَرَكَةِ.
(وَ) الثَّانِي: (قِسْمٌ يُعْرَبُ بِالحُرُوفِ)، أَيْ بِالأَلِفِ وَاليَاءِ وَالوَاوِ وَالنُّونِ - وُجُودًا وَحَذْفًا -.
1 / 15
(فَالَّذِي يُعْرَبُ بِالحَرَكَاتِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ): النَّوْعُ الأَوَّلُ: (الاسْمُ المُفْرَدُ)، نَحْوُ: «جَاءَ زَيْدٌ»، وَ«رَأَيْتُ زَيْدًا»، وَ«مَرَرْتُ بِزَيْدٍ»، (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي: (جَمْعُ التَّكْسِيرِ) نَحْوُ: «جَاءَ الأَبْطَالُ»، وَ«رَأَيْتُ الأَبْطَالَ»، وَ«مَرَرْتُ بِالأَبْطَالِ»، (وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ: (جَمْعُ المُؤَنَّثِ السَّالِمُ)، نَحْوُ: «جَاءَتِ الطَّالِبَاتُ»، وَ«رَأَيْتُ الطَّالِبَاتِ»، وَ«مَرَرْتُ بِالطَّالِبَاتِ»، (وَ) النَّوْعُ الرَّابِعُ: (الفِعْلُ المُضَارِعُ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٍ)، نَحْوُ: «يَذْهَبُ زَيْدٌ»، وَ«لَنْ يَذْهَبَ زَيْدٌ»، وَ«لَمْ يَذْهَبْ زَيْدٌ».
(وَكُلُّهَا) أَيْ هَذِهِ الأَنْوَاعِ الأَرْبَعَةِ: (تُرْفَعُ بِالضَّمَّةِ، وَتُنْصَبُ بِالفَتْحَةِ، وَتُخْفَضُ بِالكَسْرَةِ، وَتُجْزَمُ بِالسُّكُونِ).
وَلَا يُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ أقْسَامَ الإِعْرَابِ كُلَّهَا تَجْرِي عَلَى الأَنْوَاعِ الأَرْبَعَةِ، وَإِلَّا فَإِنَّ الاسْمَ - كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ - لَا يَصْلُحُ فِيهِ الجَزْمُ، وَالفِعْلَ لَا يَصْلُحُ فِيهِ الخَفْضُ، إِنَّمَا المُرَادُ أَنَّ الخَفْضَ إِنْ وَقَعَ فِي الأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الأُولَى - وَهِيَ أَسْمَاءٌ - فَسَيَكُونُ بِالكَسْرَةِ، وَأَنَّ الجَزْمَ إِنْ وَقَعَ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ - وَهُوَ الفِعْلُ - فَسَيَكُونُ بِالسُّكُونِ.
(وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ) الحُكْمِ المَذْكُورِ آنِفًا (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ): الأَوَّلُ: (جَمْعُ المُؤَنَّثِ السَّالِمُ)، فَـ (يُنْصَبُ بِالكَسْرَةِ)، نَحْوُ: «رَأَيْتُ الطَّالِبَاتِ»، (وَ) الثَّانِي: (الاسْمُ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ)، فَـ (يُخْفَضُ) أَيْ يُجَرُّ (بِالفَتْحَةِ)، نَحْوُ: «مَرَرْتُ بِعُمَرَ»، (وَ) الثَّالِثُ: (الفِعْلُ المُضَارِعُ المُعْتَلُّ الآخِرِ)، فَـ (يُجْزَمُ بِحَذْفِ آخِرِهِ)، نَحْوُ: «لَمْ يَخْشَ زَيْدٌ الأَسَدَ».
(وَالَّذِي يُعْرَبُ بِالحُرُوفِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ): الأَوَّلُ (التَّثْنِيَةُ، وَ) الثَّانِي: (جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ، وَ) الثَّالِثُ: (الأَسْمَاءُ الخَمْسَةُ) المُضَافَةُ، (وَ) الرَّابِعُ: (الأَفْعَالُ الخَمْسَةُ، وَهِيَ: يَفْعَلَانِ، وَتَفْعَلَانِ، وَيَفْعَلُونَ، وَتَفْعَلُونَ، وَتَفْعَلِينَ).
(فَأَمَّا التَّثْنِيَةُ: فَتُرْفَعُ بِالأَلِفِ، وَتُنْصَبُ وَتُخْفَضُ بِاليَاءِ)، نَحْوُ: «جَاءَ الرَّجُلَانِ»، وَ«رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ»، وَ«مَرَرْتُ بِالرَّجُلَيْنِ»، (وَأَمَّا جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ:
1 / 16
فَيُرْفَعُ بِالوَاوِ، وَيُنْصَبُ وَيُخْفَضُ بِاليَاءِ)، نَحْوُ: «جَاءَ المُعَلِّمُونَ»، وَ«رَأَيْتُ المُعَلِّمِينَ»، وَ«مَرَرْتُ بِالمُعَلِّمِينَ»، (وَأَمَّا الأَسْمَاءُ الخَمْسَةُ) المُضَافَةُ: (فَتُرْفَعُ بِالوَاوِ، وَتُنْصَبُ بِالأَلِفِ، وَتُخْفَضُ بِاليَاءِ)، نَحْوُ: «جَاءَ أَخُوكَ»، وَ«رَأَيْتُ أَخَاكَ»، وَ«مَرَرْتُ بِأَخِيكَ»، (وَأَمَّا الأَفْعَالُ الخَمْسَةُ: فَتُرْفَعُ بِالنُّونِ، وَتُنْصَبُ وَتُجْزَمُ بِحَذْفِهَا)؛ نَحْوُ: «يَذْهَبُونَ»، وَ«لَنْ يَذْهَبُوا»، وَ«لَمْ يَذْهَبُوا»، وَقِسْ عَلَيْهِ الأَفْعَالَ الأَرْبَعَةَ الأُخْرَى.
(بَابُ الأَفْعَالِ)
(الأَفْعَالُ) - كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهَا - (ثَلَاثَةٌ: مَاضٍ، وَمُضَارِعٌ، وَأَمْرٌ، نَحْوُ: «ضَرَبَ») وَهُوَ المَاضِي، (وَ«يَضْرِبُ») وَهُوَ المُضَارِعُ، (وَ«اضْرِبْ») وَهُوَ الأَمْرُ.
وَقَدْ سَبَقَ البَيَانُ بِأَنَّ: الفِعْلَ المَاضِيَ: هُوَ لأَمْرٍ وَقَعَ قَبْلَ النُّطْقِ بِهِ، وَالفِعْلَ المُضَارِعَ: لأَمْرٍ يَقَعُ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ، أَوْ سَيَقَعُ، وَفِعْلَ الأَمْرِ: لِأَمْرٍ سَيَقَعُ بَعْدَ النُّطْقِ بِهِ.
أَمَّا أَحْكَامُ هَذِهِ الأَفْعَالِ:
(فَالمَاضِي: مَفْتُوحُ الآخِرِ أَبَدًا)؛ نَحْوُ: «جَلَسَ» فِي قَوْلِكَ: «جَلَسَ زَيْدٌ»، وَمِثْلُهَا: «قَامَ»، وَ«كَتَبَ»، وَ«اسْتَخْرَجَ»، وَ«سَافَرَ».
لَكِنْ قَدْ يَعْرِضُ لِلْمَاضِي عَارِضٌ يُغَيِّرُ حَرَكَةَ الفَتْحِ فِي آخِرِهِ؛ نَحْوُ «كَتَبْتُ» وَ«كَتَبُوا».
فَالأَصْلُ فِي بَاءِ «كَتَبَ» الفَتْحُ، لَكِنَّهَا تَغَيَّرَتْ إِلَى السُّكُونِ فِي المِثَالِ الأَوَّلِ، وَإِلَى الضَّمِّ فِي المِثَالِ الثَّانِي، فَالأَوَّلُ بِسَبَبِ اتِّصَالِ المَاضِي بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ، وَالثَّانِي بِسَبَبِ اتِّصَالِهِ بِوَاوِ الجَمَاعَةِ.
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: هُوَ مُقَدَّرٌ فِي الحَالَتَيْنِ، أَيْ مَبْنِيَّانِ عَلَى الفَتْحِ
1 / 17
المُقَدَّرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ المُصَنِّفِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلِ الأَوْلَى أَنْ يَكُونَ البِنَاءُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ الظَّاهِرِ، فَـ «كَتَبَ» فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وَ«كَتَبْتُ» مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ«كَتَبُوا» مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ.
(وَ) أَمَّا (الأَمْرُ) فَـ (مَجْزُومٌ أَبَدًا)، نَحْوُ: «اجْلِسْ»، وَ«قُمْ»، وَ«اكْتُبْ»، وَ«اسْتَخْرِجْ».
وَقَوْلُ المُصَنِّفِ: «مَجْزُومٌ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ بِأَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مُعْرَبٌ بِلَامٍ مَحْذُوفَةٍ، فَأَصْلُ «اجْلِسْ» عِنْدَهُمْ: «لِتَجْلِسْ»، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا؛ فَإِنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالجَزْمَ وَالخَفْضَ - أَوِ الجَرَّ -: مُصْطَلَحَاتٌ لِلْمُعْرَبِ، فَتَقُولُ فِي الكَلِمَةِ المُعْرَبَةِ: «يَذْهَبَ» فَعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِالفَتْحَةِ، أَمَّا المَبْنِيُّ - نَحْوُ: «كَتَبَ» - فَتَقُولُ: «مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ»، فَمُصْطَحَاتُ البِنَاءِ هِيَ: الضَّمُّ وَالفَتْحُ وَالسُّكُونُ وَالكَسْرَةُ.
فَالرَّفْعُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الضَّمُّ فِي البِنَاءِ، وَالنَّصْبُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الفَتْحُ فِي البِنَاءِ، وَالجَزْمُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ السُّكُونُ فِي البِنَاءِ، وَالخَفْضُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الكَسْرُ فِي البِنَاءِ.
وَالقَوْلُ الثَّانِي - وَهُوَ الأَشْهَرُ -: أَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ المُصَنِّفِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنَّ رَأْيَهُ عَلَى الاخْتِيَارِ الأَوَّلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ: «مَجْزُومٌ».
وَالثَّانِي: أَنَّ رَأْيَهُ عَلَى الاخْتِيَارِ الثَّانِي، فَيَكُونُ المُرَادُ: «مِثْلُ المَجْزُومِ»، أَيْ عَلَى مَا يُجْزَمُ بِهِ مُضَارِعُهُ؛ فَإِنَّ البِنَاءَ فِي فِعْلِ الأَمْرِ يُقَابِلُ الإِعْرَابَ فِي مُضَارِعِهِ.
فَـ «اكْتُبْ»: فِعْلُ أَمْرٍ، مُضَارِعُهُ: «يَكْتُبْ»، فَفِعْلُ الأَمْرِ: مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لأَنَّ مُضَارِعَهُ مَجْزُومٌ بِالسُّكُونِ.
1 / 18
وَكَذَلِكَ «ادْعُ»؛ فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ، مُضَارِعُهُ: «يَدْعُ»؛ فَفِعْلُ الأَمْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ لأَنَّ مُضَارِعَهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ.
وَمِثْلُهُ «اكْتُبُوا»؛ فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ، مُضَارِعُهُ: «يَكْتُبُوا»؛ فَفِعْلُ الأَمْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ لأَنَّ مُضَارِعَهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ النُّونِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ المُصَنِّفِ.
وَخُلَاصَةُ الحُكْمِ: أَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
الأَوَّلُ: فِي المُعْتَلِّ الآخِرِ؛ فَيُبْنَى عَلَى حَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ، نَحْوُ: «ادْعُ» وَ«اخْشَ» وَ«ارْمِ».
وَالثَّانِي: إِذَا اتَّصَلَ بِهِ أَلِفُ الاثْنَيْنِ أَوْ وَاوُ الجَمَاعَةِ أَوِ يَاءُ المُخَاطَبَةِ؛ فَيُبْنَى عَلَى حَذْفِ النُّونِ، نَحْوُ: «اذْهَبَا» وَ«اذْهَبُوا» وَ«اذْهَبِي».
وَالثَّالِثُ: إِذَا اتَّصَلَتْ بِهِ نُونُ التَّوْكِيدِ الخَفِيفَةُ أَوِ الثَّقِيلَةُ، نَحْوُ: «اذْهَبَنْ»، وَ«اذْهَبَنَّ».
(وَ) الفِعْلُ (المُضَارِعُ) هُوَ: (مَا كَانَ فِي أَوَّلِهِ إِحْدَى الزَّوَائدِ الأَرْبَعِ الَّتِي يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: «أَنَيْتُ») بِمَعْنَى «أَدْرَكْتُ»، وَالمُرَادُ: أَحْرُفُ «أَنَيْتُ»، أَيِ الأَلِفُ وَالنُّونُ وَاليَاءُ وَالتَّاءُ، نَحْوُ: «أَذْهَبُ»، وَ«نَذْهَبُ»، وَ«يَذْهَبُ»، وَ«تَذْهَبُ»؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الكَلِمَاتِ: «ذَهَبَ» - وَهُوَ الفِعْلُ المَاضِي -؟
(وَهُوَ) أَيِ المُضَارِعُ: (مَرْفُوعٌ أَبَدًا، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ) عَامِلٌ (نَاصِبٌ، أَوْ) عَامِلٌ (جَازِمٌ).
(فَالنَّوَاصِبُ) الَّتِي تَنْصِبُ المُضَارِعَ (عَشَرَةٌ، وَهِيَ):
(«أَنْ»، و«لَنْ»، وَ«إِذَنْ»، وَ«كَيْ»، وَلَامُ كَيْ، وَلَامُ الجُحُودِ) الَّتِي تُسْبَقُ بِـ «مَا كَانَ» أَوْ «لَمْ يَكُنْ»، (وَ«حَتَّى»، وَالجَوَابُ بِالفَاءِ) المُفِيدَةِ للسَّبَبِيَّةِ، (وَ) الجَوَابُ
1 / 19
بِـ (الوَاوِ) المُفِيدَةِ لِلْمَعِيَّةِ، (وَ«أَوْ») الَّتِي بِمَعْنَى «إِلَّا» أَوْ «إِلَى».
نَحْوُ: «يَذْهَبَ» فِي قَوْلِكَ: «لَنْ يَذْهَبَ زَيْدٌ»، وَقِسْ عَلَيْهِ: «أَنْ»، وَ«كَيْ»، وَلَامُ كَيْ، وَلَامُ الجُحُودِ، وَ«حَتَّى».
أَمَّا «إِذَنْ» فَنَحْوُ: «إِذَنْ أُكْرِمَكَ»؛ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَكَ: «أَزُورُكَ غَدًا»، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ لِنَصْبِ المُضَارِعِ بِهَا، وَهِيَ: الأوَّلُ: أَنْ تَكُونَ «إِذَنْ» فِي أَوَّلِ جُمْلَةِ الجَوَابِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ «إِذَنْ» مُتَّصِلَةً مَعَ الفِعْلِ المُضَارِعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: وُقُوعُ القَسَمِ بَيْنَهُمَا، أَوْ حَرْفِ نِدَاءٍ، أَوْ «لَا» النَّافِيَةِ، نَحْوُ: «إِذَنْ وَاللهِ أُكْرِمَكَ»، وَ«إِذَنْ يَا زَيْدُ أُكْرِمَكَ»، وَ«إِذَنْ لَا أُقَصِّرَ فِي وَاجِبِكَ»، وَقَدْ تَجْتَمِعُ مَعًا، فَتَقُولُ: «إِذَنْ وَاللهِ يَا زَيْدُ لَا أُقَصِّرَ فِي وَاجِبِكَ»، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الفِعْلُ المُضَارِعُ دَالًّا عَلَى الاسْتِقْبَالِ.
وَأَمَّا الفَاءُ السَّبَبِيَّةُ: فَهِيَ فَاءٌ مُتَّصِلَّةٌ بِالمُضَارِعِ، تَتَوَسَّطُ أَمْرَيْنِ، وَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا - إِنْ وَقَعَ - سَبَبًا لِوقُوعِ مَا بَعْدَهَا.
وَلَا تَتَحَقَّقُ هَذِهِ القَاعِدَةُ إِلَّا بِأَنْ تَكُونَ الفَاءُ مَسْبُوقَةً: بِنَفْيٍ، أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ، أَوِ اسْتِفْهَامٍ، أَوْ دُعَاءٍ، أَوْ تَحْضِيضٍ، أَوْ تَمَنٍّ، أَوْ تَرَجٍّ، أَوْ عَرْضٍ.
١ - فَمِثَالُ النَّفْيِ: «لَمْ يَزُرْنِي» فِي قَوْلِكَ: «لَمْ يَزُرْنِي فَأُكْرِمَهُ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَارَةَ إِنْ وَقَعَتْ فَسَتَكُونُ سَبَبًا لِوقُوعِ الإِكْرَامِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ زَارَنِي أَكْرَمْتُهُ».
٢ - وَمِثَالُ الأَمْرِ: «زُرْنِي» فِي قَوْلِكَ: «زُرْنِي فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَارَةَ إِنْ وَقَعَتْ فَسَتَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِحْسَانِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ زُرْتَنِي أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ».
٣ - وَمِثَالُ النَّهْيِ: «لَا تَهْجُرْنِي» فِي قَوْلِكَ: «لَا تَهْجُرْنِي فَأُسِيءَ إِلَيْكَ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الهِجْرَانَ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِسَاءَةِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ هَجَرْتَنِي أَسَأْتُ إِلَيْكَ».
1 / 20
٤ - وَمِثَالُ الاسْتِفْهَامِ: «أَيْنَ» فِي قَوْلِكَ: «أَيْنَ زَيْدٌ فَنُحَدِّثَهُ»، أَلَا تَرَى أَنَّ حُضُورَ زَيْدٍ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِلْحَدِيثِ مَعَهُ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ حَضَرَ زَيْدٌ حَدَّثْنَاهُ».
٥ - وَمِثَالُ الدُّعَاءِ: «رَزَقَكَ اللهُ» فِي قَوْلِكَ: «رَزَقَكَ اللهُ مَالًا فَتَتَّسِعَ بِهِ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّزْقَ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الاتِّسَاعِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ رَزَقَكَ اللهُ مَالًا اتَّسَعْتَ بِهِ».
٦ - وَمِثَالُ التَّحْضِيضِ: «لَوْلَا» فِي قَوْلِكَ: «لَوْلَا أَتَيْتَنِي فَأُكْرِمَكَ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الإِتْيَانَ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِكْرَامِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ أَتْيَتَنِي أَكْرَمْتُكَ».
٧ - وَمِثَالُ التَّمَنِّي: «لَيْتَ» فِي قَوْلِكَ: «لَيْتَ زَيْدًا عِنْدَنَا فَنُكْرِمَهُ»، أَلَا تَرَى أَنَّ حُضُورَ زَيْدٍ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِكْرَامِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ حَضَرَ زَيْدٌ عِنْدَنَا أَكْرَمْنَاهُ».
٨ - وَمِثَالُ التَّرَجِّي: «لَعَلِّي» فِي قَوْلِكَ: «لَعَلِّي أَزُورُهُ فَيُكْرِمَنِي»، أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَارَةَ إِنْ وَقَعَتْ فَسَتَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِكْرَامِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ زُرْتُهُ أَكْرَمَنِي».
٩ - وَمِثَالُ العَرْضِ: «أَلَا» فِي قَوْلِكَ: «أَلَا تَأْتِينِي فَأُكْرِمَكَ»، أَلَا تَرَى أَنَّ الإِتْيَانَ إِنْ وَقَعَ فَسَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الإِكْرَامِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: «إِنْ أَتَيْتَنِي أَكْرَمْتُكَ».
أَمَّا وَاوُ المَعِيَّةِ: فَهِيَ وَاوٌ تُفِيدُ مَعْنَى «مَعَ»، مُتَصِلَّةٌ بِالمُضَارِعِ، تَتَوَسَّطُ أَمْرَيْنِ لَمْ يَقَعَا، يَكُونُ مَا بَعْدَهَا مُصَاحِبًا لِمَا قَبْلَهَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ.
وَأَحْكَامُهَا هِيَ أَحْكَامُ الفَاءِ السَّبَبِيَّةِ، وَتَقْرِيبُهَا: بِأَنْ يَنْضَافَ إِلَى الجُمْلَةِ: «فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ»، نَحْوُ: «وَتَأْخُذَ» فِي قَوْلِكَ: «لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَتَأَخُذَ مَالَهُ»، فَالتَّقْدِيرُ: «لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَتَأْخُذَ مَالَهُ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ»، أَلَا تَرَى أَنَّ أَخْذَ المَالِ مُصَاحِبٌ
1 / 21
لِضَرْبِ زَيْدٍ وَلَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ؟
وَأَمَّا «أَوْ» فَهِيَ الَّتِي بِمَعْنَى «إِلَّا» أَوْ «إِلَى»، نَحْوُ قَوْلِكَ: «لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ يَدْرُسَ»، وَ«اجْتَهِدْ فِي الدِّرَاسَةِ أَوْ تَنْجَحَ»، فَالمِثَالُ الأَوَّلُ بِتَقْدِيرِ: «لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا، إِلَّا أَنْ يَدْرُسَ»، وَفِي الثَّانِي: «اجْتَهِدْ فِي الدِّرَاسَةِ إِلَى أَنْ تَنْجَحَ».
(وَالجَوَازِمُ) الَّتِي تَجْزِمُ الفِعْلَ المُضَارِعَ: (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهِيَ) عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يَجْزِمُ فِعْلًا وَاحِدًا، وَقِسْمٌ يَجْزِمُ فِعْلَيْنِ.
أَمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ فَسِتَّةٌ، وَهِيَ: الأَوَّلُ وَالثَّانِي: («لَمْ»، وَ«لَمَّا»، وَ) مِنْهُمَا: («أَلَمْ»، وَ«أَلَمَّا»، وَ) الثَّالِثُ: (لَامُ الأَمْرِ، وَ) الرَّابِعُ: لَامُ (الدُّعَاءِ، وَ) الخَامِسُ: («لَا» فِي النَّهْيِ، وَ) السَّادِسُ: «لَا» فِي (الدُّعَاءِ)، نَحْوُ: «لَمْ يَذْهَبْ زَيْدٌ».
(وَ) أَمَّا القِسْمُ الثَّانِي فَاثْنَا عَشَرَ، وَهِيَ: («إِنْ») وَهُوَ الأَوَّلُ، (وَ«مَا») وَهُوَ الثَّانِي، (وَ«مَنْ») وَهُوَ الثَّالِثُ، (وَ«مَهْمَا») وَهُوَ الرَّابِعُ، (وَ«إِذْمَا») وَهُوَ الخَامِسُ، (وَ«أَيُّ») وَهُوَ السَّادِسُ، (وَ«مَتَى») وَهُوَ السَّابِعُ، (وَ«أَيَّانَ») وَهُوَ الثَّامِنُ، (وَ«أَيْنَ») وَهُوَ التَّاسِعُ، (وَ«أَنَّى») وَهُوَ العَاشِرُ، (وَ«حَيْثُمَا») وَهُوَ الحَادِيَ عَشَرَ، (وَ«كَيْفَمَا») وَهُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ، نَحْوُ: «إِنْ تَدْرُسْ تَنْجَحْ».
(وَ) أَمَّا («إِذَا») فَـ (فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً).
(بَابُ مَرْفُوعَاتِ الأَسْمَاءِ)
(المَرْفُوعَاتُ سَبْعَةٌ، وَهِيَ): الأَوَّلُ: (الفَاعِلُ، وَ) الثَّانِي: (المَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ) أَيْ نَائِبُ الفَاعِلِ، (وَ) الثَّالِثُ: (المُبْتَدَأُ، وَ) الرَّابِعُ: (خَبَرُهُ) أَيْ خَبَرُ المُبْتَدَإِ، (وَ) الخَامِسُ: (اسْمُ «كَانَ» وَأَخَوَاتِهَا، وَ) السَّادِسُ: (خَبَرُ «إِنَّ» وَأَخَوَاتِهَا، وَ) السَّابِعُ: (التَّابِعُ لِلْمَرْفُوعِ) أَيِ النَّعْتُ المَرْفُوعُ، وَالعَطْفُ المَرْفُوعُ، وَالتَّوْكِيدُ المَرْفُوعُ، وَالبَدَلُ المَرْفُوعُ، فَالتَّابِعُ: هُوَ المُعْرَبُ الَّذِي يَتْبَعُ مَا قَبْلَهُ فِي
1 / 22