الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الداعية، العمل بدعوته، وأن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه، ليس ممن يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عنه ثم يرتكبه، هذه حال الخاسرين نعوذ باللَّه من ذلك، أما المؤمنون الرابحون فهم دعاةالحق يعملون به وينشطون فيه، ويسارعون إليه، ويبتعدون عما ينهون عنه، قال اللَّه - جل وعلا -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ (١)، وقال ﷿: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٢).
هذه الآية العظيمة تُبيِّن لنا أن الداعي إلى اللَّه ﷿ ينبغي أن يكون ذا عمل صالح يدعو إلى اللَّه بلسانه، ويدعو إلى اللَّه بأفعاله أيضًا؛ ولهذا قال بعده: ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾، فالداعي إلى اللَّه ﷿ يكون داعية باللسان، وداعية بالعمل، ولا أحسن قولًا من هذا الصنف من الناس، هم الدعاة إلى اللَّه بأقوالهم الطيبة، وهم يوجِّهون الناس بالأقوال والأعمال فصاروا قدوة صالحة في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم (٣).
وهكذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام، دعاة إلى اللَّه بالأقوال والأعمال، والسيرة وكثير من المدعوين ينتفعون بالسيرة أكثر مما ينتفعون بالأقوال، ولا سيما العامّة وأرباب العلوم القاصرة؛ فإنهم ينتفعون من السيرة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، ما لا ينتفعون من الأقوال التي قد لا يفهمونها، فالداعي إلى اللَّه ﷿ من أهمّ المهمات في حقه أن يكون ذا سيرة حسنة، وذا عمل صالح، وذا خلق
_________
(١) سورة الصف، الآيتان: ٢ - ٣.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٣٣.
(٣) فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، ١/ ٣٥٠.
1 / 51