الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
خيرًا كما كان رسول اللَّه ﷺ لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا (١).
فعن النعمان بن مقرن المزني ﵁، قال: قال رسول اللَّه ﷺ وسبّ رجل رجلًا عنده، فجعل المسبُوبُ يقول: عليك السلام، فقال رسول اللَّه ﷺ: «أما إنَّ ملكًا بينكما يذبّ عنك كلما يشتمك هذا، قال له: بل أنت وأنت أحقّ به، وإذا قال له: عليك السلام، قال: بل لك، أنت أحق به» (٢).
فهؤلاء الدعاة إلى اللَّه والصالحون إذا خاطبهم الجاهلون قالوا صوابًا وسدادًا، ويردّون المعروف من القول على من جهل عليهم (٣)؛ لأن من أخلاقهم العفو والصفح عمن أساء إليهم، فقد تخلّقوا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، فصار الحلم لهم سجية، وحسن الخلق لهم طبيعةً، حتى إذا أغضبهم أحد بمقاله أو فعاله كظموا ذلك الغضب فلم يُنفِّذُوه، ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ (٤)، فترتّب على هذا الحلم، والعفو، والصفح من المصالح ودفع المفاسد في أنفسهم وغيرهم شيء كثير (٥)، كما قال تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (٦).
(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ٢/ ٣١٠، والإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٥٥٦، ومجمع الزوائد، ٨/ ٢٤٠. (٢) رواه الإمام أحمد في المسند، ٥/ ٤٤٥، وقال ابن كثير في تفسيره، ٣/ ٣٢٦: «إسناده حسن». (٣) انظر: تفسير ابن كثير، ٣/ ٣٢٦. (٤) سورة الشورى، الآية: ٣٧. (٥) انظر: تفسير ابن كثير، ٤/ ١١٨، وتفسير العلامة السعدي، ٦/ ٦٢١. (٦) سورة فصلت، الآية: ٣٤.
1 / 117