الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
المثال السادس: مع ثمامة:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ﵁ أنه قال: بعث رسول اللَّه ﷺ خيلًا قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول اللَّه ﷺ فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم (١)، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تُعطَ منه ما شئت؛ فتركه رسول اللَّه حتى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: ما قلت لك، إن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعطَ منه ما شئت؟ فتركه رسول اللَّه ﷺ حتى كان من الغد، فقال: «ماذا عندك يا ثمامة»، فقال: عندي ما قلت لك، إن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تُعطَ منه ما شئت؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: «أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد! واللَّه ما كان على الأرض وجه أبغضَ إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه كلها إليَّ، واللَّه ما كان من دين أبغضَ إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحبَّ الدين كله إليَّ، واللَّه ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشّره رسول اللَّه ﷺ، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال
_________
(١) معناه: إن تقتل تقتل صاحب دم يدرك قاتله به ثأره لرئاسته وفضيلته، وقيل: معناه تقتل من عليه دم مطلوب به، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله. انظر: فتح الباري، ٨/ ٨٨.
1 / 113