اخترتني جارًا واخترت داري دارًا فجناية يدك علي دونك فاحتكم علي حكم الصبي على أهله وهذا مثل تضربه العرب في التزام ما يحكم به عليها وذلك أن الصبي إذا كان عزيزًا في أهله حمله الدلال على طلب ما يستحيل وجوده ويصعب مرامه فهم أبدًا يسعون في تحصيل أغراضه وآرابه ليظفروا برضاه ويقدموه على أترابه وكان حارثة بن مر يسمى مجير الجراد وذلك أنه نزل بفنائه جراد فغدا أهل الحي إليه ليدفعوه عنهم فمنعهم منه وقال لهم ما تريدون منه قالوا نريد قتله فإنه نزل بجوارك فقال أما إذ سميتموه جاري فوالله لا تصلون إليه أبدًا وطردهم عنه وكان ثور بن شحمة العنبري يسمى مجير الطير فكانت الطير لا تصاد بأرضه ولا تضار وحكى أن زيادًا الأعجم وفد على المهلب فأكرمه وأنزله على أبيه فجلسا يومًا يشربان في بستان فغنت حمامة على فنن فطرب لها زياد فقال له حبيب إنها فاقدة ألف كنت أراه معها فقال زياد هو اشد لشوقها ثم أنشد
تغني أنت في ذممي وعهدي ... وذمّة والدي أن لا تضاري
وعشك أصلحيه ولا تخافي ... على زغب مصغرة صغار
فإنك كلما غنيت صوتًا ... ذكرت أحبتي وذكرت داري
فأمّا يقتلوك طلبت ثأرًا ... لأنك يا حمامة في جواري
فضحك حبيب ثم قال يا غلام هلم القوس فجاء بها فنزع لها بسهم فأصابها فوقعت ميتة فنهض زياد مغضبًا وقال أخفرت أبا بسطام ذمتي وقتلت جاري وشكاه إلى المهلب فغضب على حبيب وقال أما علمت أن جار أبي لبابة جاري وذمته ذمتي والله لألزمنك دية الحرو أخذ له من ماله ألف دينار فقال فيه من أبيات ذكر القصة فيها جاء منها قوله
فلله عينًا من رأى كقضية ... قضى لي بها شيخ العراق المهلب
قضى ألف دينار لجار أجرته ... من الطير إذ يبكي شجاه ويندب
ولما ولي صالح بن علي مصر من قبل ابن أخيه أبي العباس السفاح خرج عليه رجاء بن روح بفلسطين مع عمه الحكم بن ضبعان وكان على شرطة مصر
1 / 36