281

غرر الأخبار و درر الآثار في مناقب أبي الأئمة الأطهار(ع)

تصانيف

كائن ولا مكان، ثم خلق المكان فهو على ما كان قبل المكان لم يتغير من حال إلى حال».

قال: أحسنت أيها العالم الحبر وأوجزت؛ فخبرني عنه سبحانه: أيدرك بالحواس إن أراد إدراكه بالنظر في طريق معارفه؟

فقال: «تعالى الله أن يوصف بمقدار أو تدركه الحواس أو يقاس بالناس، بل الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة الدالة لذوي العقول والاعتبار بما هو منها مشهور، وفي مواضي الأيام والليالي مذكور».

فقال: صدقت، هذا والله هو الحق الذي لا شك فيه ولا ارتياب؛ فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح: إنه مخلوق؛ ومن أين ثبت ذلك؟

فقال: «ثبت أنه مخلوق بالتقدير الذي له والتصيير والتغيير من حال إلى حال والزيادة والنقصان، وأنه كان صبيا ثم يافعا ثم شابا ثم كهلا، وأنه يأكل الطعام ويشرب الشراب، معلوم الحدث بعد العدم والأم، وأنه مولود منها، وكان يعبد الله ويصوم ويصلي له، والعابد غير المعبود، ولم أنف عنه النبوة، بل كان عبد الله ورسولا إلى خلقه يدعو الناس إلى عبادة الله وطاعته، ولم أخرجه عن العصمة والكمال والتأييد، وأنه جاء بأمر الله تعالى، لأن فيه قولا: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (1).

فقال الجاثليق: هذا ما لا طعن فيه فيما بينت أيها العالم، الرغبة إلى تصديق قولك، فأبن لنا زيادة الحجة نزدد بيانا ويقينا.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «خرجت يا نصراني من مستقرك إلى من قصدت

صفحة ٣١٥