338

الغنية لطالبي طريق الحق

محقق

أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس: في فضائل شهر رمضان
قال الله ﷿: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ...﴾ [البقرة: ١٨٣] إلى قوله تعالى: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾ [البقرة: ١٨٥].
قال الحسن البصري ﵀: إذا سمعت الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ فأسرع لها سمعك فإنها لأمر تؤمر به أو لنهي تنهى عنه.
وقال جعفر الصادق ﵀: لذة ما في النداء إزالة تعب العبادة والعناء.
قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ يا: نداء من العالم، وأي: اسم من المعلوم المنادى، وها: تنبيه على نداء المنادى الذي هو إشارة إلى المعرفة السابقة والصحبة القديمة. آمنوا: إشارة إلى السر المعلوم بين المنادى والمنادي، كأنه يقول: يا من هو لي بسره المخلص له بضميره وبلبه ﴿كتب﴾ أي فرض وأوجب ﴿عليكم الصيام﴾ وهو مصدر كقولك: صمت صيامًا وقمت قيامًا.
وأصل الصيام في اللغة: الإمساك يقال: صامت الريح: إذا سكنت وأمسكت عن الهبوب، وصامت الخيل: إذا وقفت وأمسكت عن السير، ويقال: صام النهار، إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة، لأن الشمس إذا بلغت كبد السماء وقفت وأمسكت عن السير سويعة كما قال الراجز:
حتى إذا صام النهار واعتدل ... وسال للشمس لعاب فنزل
ويقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام صام، قال الله تعالى: ﴿إني نذرت للرحمن صومًا﴾ [مريم ٢٦] أي صمتًا، فالصوم: هو الإمساك عن المعتاد من الطعام والشراب والجماع في الشرع مع ترك الآثام، قال الله ﷿: ﴿كما كتب على الذين من قبلكم﴾ أي من الأنبياء والأمم أولهم آدم ﵇، وهو ما روى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده قال: سمعت علي بن أبي طالب ﵁

2 / 5