الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١هـ
الِاعْتِدَاءِ، وَاقْتَحَمُوا فِي رَوْمِ مَا يُحَاوِلُونَهُ الْمَهَاوِيَ وَالْمَعَاطِبَ وَالْمَسَاوِئَ، وَرَكِبُوا الْأَغْرَارَ وَالْأَخْطَارَ، وَجَانَبُوا الرَّفَاهِيَةَ وَالدَّعَةَ وَالْأَوْطَانَ، فَلَوْ كَانَ إِلَى ادِّعَاءِ الْإِمَامَةِ مَسْلَكٌ، أَوْ لَهُ مَدْرَكٌ، لَزَاوَلَهُ مُحِقُّونَ، أَوْ مُبْطِلُونَ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ، وَلَمَّا اشْرَأَبَّ لِهَذَا الْمَنْصِبِ الْمَارِقُونَ فِي فُسْطَاطِ مِصْرَ، اعْتَزَوْا أَوَّلًا إِلَى شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ عَلَى الِافْتِرَاءِ، وَانْتَمَوُا انْتِمَاءَ الْأَدْعِيَاءِ، وَبَذَلُوا حَرَائِبَ الْأَمْوَالِ لِلْكَاذِبِينَ النَّسَّابِينَ، حَتَّى أَلْحَقُوهُمْ بِصَمِيمِ النَّسَبِ.
فَهَذَا إِذَا مَا تَطَابَقَتْ عَلَيْهِ مَذَاهِبُ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ، وَقَدْ تَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ مُلُوكٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى مَرْتَبَةٍ مَرْمُوقَةٍ فِي الْعِلْمِ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْعِلْمَ يَدَّعِيهِ كُلُّ شَادٍ مُسْتَطْرِفٍ، فَإِذَا انْضَمَّتْ أُبَّهَةُ الْمُلْكِ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الْعِلْمِ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ نِسْبَةَ الْمُلْكِ إِلَى الْعُرُوِّ عَنِ الْعِلْمِ، وَالنَّسَبُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُ ; فَلَمْ يَدَّعِ - لِذَلِكَ - الْإِمَامَةَ مَنْ لَيْسَ نَسِيبًا.
فَهَذَا وَجْهُ إِثْبَاتِ شَرْطِ النَّسَبِ.
١٠٩ - وَلَسْنَا نَعْقِلُ احْتِيَاجَ الْإِمَامَةِ فِي وَضْعِهَا إِلَى النَّسَبِ. وَلَكِنْ خَصَّصَ اللَّهُ هَذَا الْمَنْصِبَ الْعَلِيَّ، وَالْمَرْقَبَ السَّنِيَّ بِأَهْلِ بَيْتِ
1 / 81