الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١هـ
فِي تَفَاصِيلِ الْمَسَائِلِ لَا تُرْشِدُ إِلَيْهَا الْعُقُولُ، فَنَتَبَيَّنُ أَنَّهُ حَمَلَهُمْ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ قَاطِعٌ شَرْعِيٌّ، وَمُقْتَضًى جَازِمٌ سَمْعِيٌّ، وَلَوْلَاهُ، لَاسْتَحَالَ أَنْ يَقْطَعُوا فِي مَظِنَّاتِ الظُّنُونِ، ثُمَّ يَتَّفِقُوا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ جَامِعٍ يَحْمِلُهُمْ عَلَى التَّوَاضُعِ عَلَى الْكَذِبِ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّوا عَلَى ذَلِكَ، مَعَ امْتِدَادِ الْآمَادِ عَلَى اسْتِتْبَابٍ، وَاطِّرَادٍ. هَذَا مُحَالٌ وُقُوعُهُ فِي مُسْتَقَرِّ الِاعْتِيَادِ.
٥٥ - وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ حَقِيقَةُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِأَسْئِلَةٍ وَأَجْوِبَةٍ عَنْهَا. فَإِنْ قِيلَ: نَرَى أَهْلَ مَذْهَبٍ فِي الشَّرْعِ يَبْلُغُ عَدَدُهُمُ الْمَبْلَغَ الَّذِي وَصَفْتُمُوهُ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ مِثْلِهِمُ التَّوَاضُعُ كَمَا عَرَّفْتُمُوهُ، ثُمَّ هُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى مُعْتَقَدِهِمْ، وَلَوْ قُطِّعُوا مُثَلًا لَا يَبْغُونَ عَنْهُ حِوَلًا، ثُمَّ لَا يَدُلُّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّ مَذْهَبَهُمُ الْحَقُّ، وَمُعْتَقَدَهُمُ الصِّدْقُ، قُلْنَا هَؤُلَاءِ وَإِنْ طَبَّقُوا طَبَقَ الْأَرْضِ، ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، فَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ ظَانُّونَ، مُعْتَصِمُونَ بِأَسَالِيبِ الظُّنُونِ، وَلَا يَقْطَعُونَ بِأَنَّ خُصُومَهُمْ مُبْطِلُونَ، وَلَا يَبْعُدُ فِي مُطَّرَدِ الْعَادَاتِ اجْتِمَاعُ أَقْوَامٍ عَلَى فُنُونٍ مِنْ طَرَائِقِ الظُّنُونِ، وَمُتَابَعَتُهُمْ مَسْلَكًا مَخْصُوصًا.
1 / 46