الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١هـ
٢٣٥ - أَوَّلًا: الِاسْتِنَابَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَلَا غِنًى عَنْهَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَوَلِّي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَتَعَاطِيهَا، وَلَا يَفِيءُ نَظَرُهُ بِمُهِمَّاتِ الْخِطَّةِ وَلَا يَحْوِيهَا، وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ بَيِّنَةٌ فِي ضَرُورَاتِ الْعُقُولِ لَا يَسْتَرِيبُ اللَّبِيبُ فِيهَا، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَوِّقَ الْكُفَاةَ الْأَعْمَالَ، ثُمَّ يَقْطَعَ الْبَحْثَ عَنْهُمْ، وَيُضْرِبَ عَنْ سَبْرِ أَحْوَالِهِمْ ; فَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، لَكَانَ مُعَطِّلًا فَائِدَةَ الْإِمَامَةِ، مُبْطِلًا سِرَّ الزَّعَامَةِ وَالرِّيَاسَةِ الْعَامَّةِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُمَهِّدَ مَسَالِكَ انْتِهَاءِ الْأَخْبَارِ وَالْأَنْبَاءِ إِلَيْهِ فِي مَجَامِعِ الْخُطُوبِ. وَيُنَصِّبَ مُرَتَّبِينَ لِلْإِنْهَاءِ وَتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ وَالْأَنْبَاءِ، حَتَّى تَكُونَ الْخِطَّةُ بِكِلَاءَتِهِ مَرْبُوطَةً، وَبِرِعَايَتِهِ مَحُوطَةً، وَمَجَامِعُ الْأُمُورِ بِرَأْيهِ مَنُوطَةً، وَاطِّلَاعَاتُهُ عَلَى الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ مَبْسُوطَةً، فَهُوَ يَرْعَاهُمْ كَأَنَّهُ يَرَاهُمْ، وَإِنْ شَطَّ الْمَزَارُ وَتَقَاصَتِ الدِّيَارُ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَتَكَلَّفَ الْإِحَاطَةَ بِتَفَاصِيلِ الْأُمُورِ وَآحَادِ أَفْرَادِهَا، وَلَكِنَّهُ لَا يَغْفَلُ عَنْ مَجَامِعِهَا
1 / 159