غزوة مؤتة والسرايا والبعوث النبوية الشمالية
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
[٢٣] "كان خير النَّاس للمساكين جعفر بن أبي طالب، وكان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إنه إن كان ليخرج لنا العكة١ التي ليس فيها شيء فنشقّها ونلعق ما فيها"٢.
وتجدرُ الإشارة أنه لأوَّل مرَّة في تاريخ غزوات النَّبيّ ﷺ وسراياه يتم تولية أُمراء بالترتيب، "وما ولَّى النَّبيّ ﷺ قبل وقعة مؤتة ولا ولَّى بعدها ثلاثة قادة أو قائدين على سرية واحدة، ولكن بُعْد نظره ﵊ وتقديره لأهمية هذه السرية وخطورتها هو الذي جعله يولِّي ثلاثة قادة على سرية واحدة، مرَّة واحدة فقط في حياته العسكرية كلها"٣.
وربَّما كان ذلك احتياطًا منه ﷺ لما كان متوقعًا أن تحُفَّ الأخطار هذه الحملة لوجهتها البعيدة، ولعدم وقوع احتكاك سابق بمناطق تخضع لنفوذ دولة قوية كالامبراطورية البيزنطية التي كانت قبائل الشام وأطرافها موالية لها سياسيًا٤.
ومِنَ السَّذاجة أن يتبادر إلى الأذهان أنه ﷺ كان يعلم مُسَبَّقًا المصير الذي كان ينتظر أعزَّ أصحابه٥، فلم يُعرف عنه أبدًا أنه ساق
١ العكة: زق صغير للسمن. وجمعه عكاك. ٢ أخرجه البخاري (الصحيح ٢/٢٠٩) . ٣ خطَّاب: القادة الشهداء ١١٤-١١٥. ٤ أكرم العمري: السيرة النبوية الصحيح ٢/٤٦٧. ٥ ذكر الواقدي في روايته (مغازي ٢/٧٥٥-٧٥٧) أنَّ يهوديًا يُدْعى النعمان بن فنحص قال للنَّبِيِّ ﷺ وهو يعهد لأمراء الجيش بالقيادة -: "أبا القاسم، إنْ كُنْتَ نبيًا فسمَّيْتَ مَن سَمَّيت قليلًا أو كثيرًا أُصيبوا جميعًا ... " الخ. وقد تفرَّد الواقدي بهذه الرواية، والواقدي ضعيف متروك عند المحدثين، خاصّةً إذا انفرد.
1 / 265