المبالغة في الدين والزهد وعم أبدًا يعتقدون الدين والحق مع من يضيق عليهم ولا ينظرون هل يأتي بدليل أم لا، ولا يبحثون عن كونه محقًا أو مبطلًا؟!
هذا حال القادم إلى بلد من متفقهة.
فأما إن كان القادم أحد أحبار اليهود وعلمائهم، فهنالك ترى العجب من
الناموس الذي يعتمده، والسنن التي يحدثها ويلحقها الفرائض، ولا يقدر أحدهم على الاعتراض عليه، فتراهم مستسلمين إليه، وهو يختلب درهم، ويجتلب بحيله درهمهم، حتى لو بلغه أن بعض أحداث اليهود، قد جلس على قارعة الطريق في يوم السبت، أو اشترى لبنًا من بعض المسلمين أو خمرًا، ثلبه وسبه فى تجمع من يهود المدينة، وأباحهم عرضه ونسبه إلى قلة الدين!
فهذا السبب، والسبب الذي ذكرناه قبله، العلة في تشديد
الإصر الذى جعلته اليهود على أنفسها، وتضييق المعيشة عليها، وتجنبهم مآكل غيرهم، ومخالطة من كان على غير ملتهم، وقد أوضحناهما للمتأمل.
1 / 88