تحصيل غرض منهم، ولا سيما إن أراد المقام بينهم، أو التدين عندهم،
فتراه أول ما ينزل بهم لا يأكل من أطعمتهم ولا من ذبائحهم، ويتأمل
سكين ذبائحهم، وينكر عليهم بعض أمره.
ويقول: أنا لا آكل إلا من ذباحة يدي، فتراهم معه في عذابٍ لا يزال ينكر
عليهم الحلال والمباح، ويوهمهم تحريمه بإسنادات يخترعها، حتىَ لا يشكوا فى
ذلك.
فإن وصل بعد مدة طويلة من أهل بلده من يعرف أنه كاذب في تلك الإسنادات، فلا يخلو أمره من أن يوافقه أو يخالفه، فإن وافقه فإنما يوافقه ليشاركه في الرئاسة الناموسية التي حصلت له، وخوفًا من أن يكذب إن خالفه، وينسب إلى قلة الدين.
وأيضًا: فإن القادم الثاني - في أكثر الأمر - يستحسن ما اعتمده القادم الأول من تحريم المباحات وإنكار المحللات، ويقول لقد عظم الله ثواب فلانٍ، إذ قوى ناموس الدين في قلوب هذه الجماعة، وشيد سياج الشرع عندهم. وإذا على الانفراد يشكره ويجزيه خيرًا، ويقول له: لقد زين الله بك أهل بلدنا!
وإن كان القادم الثاني ينكر ما أتى به القادم الأول من الإنكار عليهم
والتضييق، لم يبق من الجماعة واحد يستنصحه ويصدقه، بل جميعهم ينسبونه
إلى قلة الدين، لأن هؤلاء القوم يعتقدون أن تضييق المعيشة وتحريم المحللات، هو
1 / 87