أربعين سنة، وكان أكثر هذه المدة لا يجدون طعامًا إلا المنَّ، فلما اشتد قرمهم إلى اللحم، جاءهم موسى بالسلوى وهو طائر صغير يشبه السماني، وخاصيته أن أكل لحمه يلين القلوب القاسية ويذهب الحزن والقساوة، وذلك أن هذا الطائر يموت إذا سمع صوت الرعد. كما أن الخطاف يقتله البرد، فيلهمه الله ﷿، أن يسكن جزائر البحر التي لا يكون بها مطر ولا رعد، إلى انفصال أوان المطر والرعد، فيخرج من الجزائر، وينتشر في الأرض، فجلب الله إليهم هذا الطائر لينتفعوا بما في أكل لحمه من الخاصية، وهى تليين القلوب القاسية، وكان قد اشتد قرمُهم إلى اللحم قبل ذلك، بحيث لم يمنعهم من أكل الفريسة والميتةِ، إلا نزول تحريمها في التوراة.
فقد تبين التعدي من مشايخهم فى تفسير "الطريفا"، وأنه " الفريسة".
فأما فقهاؤهم فقد اختلقوا من أنفسهم هذياناتٍ وخرافاتٍ، تتعلق بالرئة
والقلب، وقالوا: ما كان من الذبائح سليمًا من هذه الشروط، فهو "دخيا "، وتفسير هذه الكلمة " طاهر " .. وما كان خارجًا عن هذه الشروط فهو "طريفا".
وفسروا هذه الكلمة "حرام ".
وقالوا: معنى قول التوراة "ولحمًا فريسة في الصحراء، لا تأكلوا، للكلب
ألقوه ".
يعنى إذا ذبحتم ذبيحة، ولم تجدوا فيها هذه الشروط، فلا تأكلوها، بل
بيعوها على من ليس من أهل ملتكم!
1 / 83