اختلقوا كتابًا سموه: " هلكت شحيطا" ومعناه "علم الذباحة"، ووضعوا في هذا الكتاب من تشديد الإصر عليهم، ما شغلوهم به عمَّا هم فيه من الذل والمشقَّةِ، وذلك أنهم أمروهم بأن ينفخوا الرئة، حتى تمتلئ هواءً، ويتأملونها هل يخرج الهواء من ثقب منها أم لا؟ .. فإن خرج منها الهواء حرموه، وإن كانت بعض أطراف الرئة لاصقة ببعضٍ لم يأكلوها!
وأيضًا: فإنهم أمروا الذي يتفقد الذبيحة أن يدخل يده في بطن الذبيحة، ويتأمل بأصابعهِ، فإن وجد القلب ملتصقًا إلى الظهر أو أحد الجانبين، ولو كان الالتصاق بعرق رقيق كالشعرة، حرموه وسموه طريفا! ويعنون بذلك أنه نجس أكله، وهذه التسمية هى أول التعدي منهم، لأنه ليس موضوعها في اللغة إلا المفترس الذي يفترسه بعض الوحوش ودليل ذلك قول يعقوب لما جاءوه بقميص يوسف ملوثًا بالدم: " وبكيراه ويومر لثويث بنى حيارعا اخالا لهو طاروف طوارف يوسف ".
تفسير: فتأملها، وقال: " ذراعه ابنى، وحش ردىء أكله افتراسًا
افترس يوسف ".
فقد تبين أن تفسير طاروف طوارف يوسف " افتراسًا افترس يوسف،
فالطريفا هى الفريسة.
ودليل آخر، وهو أنه قال: " ولحمًا في الصحراء فريسة لا تأكلوا". والفريسة أبدًا إنما توجد في الصحراء.
وليس ينبغى أن تعجب من ذلك، فإن هذا النهى عن أكل الفريسة، إنما نزل على قوم ذوى أخبية يسكنون البر، وذلك أنهم مكثوا يترددون في التيه والبرارى تمام
1 / 82