يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ ١. وقال تعالى: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ﴾ ٢.
فهؤلاء الأمم كلهم جعلوا مدار احتجاجهم على عدم قبول ما جاءت به الرسل أنه لم يكن عليه أسلافهم، ولا عرفوه منهم، فانظر إلى سوء مداركهم، وجمود قرائحهم، ولو كانت لهم قلوب يفقهون بها وآذان يسمعون بها وأعين يبصرون بها لعرفوا الحق بدليله، وانقادوا لليقين من غير تزييفه ولا تعليله، وهكذا أخلافهم وورّاثهم، هذا النبهاني لم يفد فيه ما ألف من الكتب المفصلة لإثبات الحق وإبطال الباطل، ولم يلتفت إليها بسبب مخالفتها لما كان عليه السبكي٣، وابن حجر المكي٤.
ومن خصائصهم: الاعتماد على الكثرة، والاحتجاج بالسواد الأعظم، وإبطال الشيء بسبب قلة أهله، فأبطل الله تعالى ذلك بقوله: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
_________
١ سورة المؤمنون: ٢٣- ٢٥.
٢ سورة ص: ٦- ٧.
٣ هو: تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الخزرجي الأنصاري السبكي الشافعي المصري.
ولد بسبك- من أعمال المنوفية- بمصر، سنة ٦٨٣. تفقه على والده وجماعة؛ آخرهم ابن رفعة. ولي قضاء دمشق، وفي آخر عمره رجع إلى مصر فأقام بها، وتوفي في جمادى الآخرة في القاهرة سنة ٧٥٦هـ.
انظر "ذيل تذكرة الحفاظ" (٥/٣٩) .
٤ هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حجر الوائلي السعدي الهيثمي المكي. ولد سنة ٩٠٩ في محلة أبي الهيثم من إقليم الغربية بمصر، وتوفي في مكة المكرمة سنة ٩٧٣.
من مؤلفاته: "تحفة المحتاج شرح المنهاج"و"الصواعق المحرقة" و"الفتح المبين في شرح الأربعين" و"الزواجر عن اقتراف الكبائر" وغيرها.
انظر "البدر الطالع" للشوكاني (١/١٠٩) .
1 / 36