غاية المريد شرح كتاب التوحيد
الناشر
مركز النخب العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
مكان النشر
مطبعة معالم الهدى للنشر والتوزيع.
تصانيف
وَقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ الآية [الأنعام: ٨٢].
•---------------------------------•
و(ما) في قوله: «وَمَا يُكفِّرُ» قيل: هي (ما) الموصولة يعني باب التوحيد والذي يكفر من الذنوب، وقيل هي مصدرية، أي: وبيان تكفيره للذنوب، وهذا أرجح؛ لأن الأول يوهم أن ثمَّ ذنوبًا لا يكفرها التوحيد وليس بمراد (١).
والتوحيد له فضائل كثيرة وعظيمة، منها أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ودفع عقوبتهما (٢).
«وَقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾» أي: لم يخلطوا إيمانهم بشرك؛ لأن الظلم هنا المراد به الشرك، ولذلك لما نزلت هذه الآية شَقَّ ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، فقالوا: يا رسول الله، أَيُّنَا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ﷺ: «لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]» (٣).
و(الظلم) في آية الباب جاء نكرة في سياق النفي فيعمُّ كلَّ أنواع الظلم، ولكن العموم هنا دخله التخصيص، فيكون المراد به عموم أنواع الشرك، وليس عموم أنواع الظلم.
_________
(١) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (٤٩).
(٢) ينظر: القول السديد ص (٢٣).
(٣) أخرجه البخاري (٩/ ١٨) رقم (٦٩٣٧)، ومسلم (١/ ١١٤) رقم (١٢٤)، من حديث عبد الله ابن مسعود ﵁.
1 / 48