91

غاية البيان شرح زبد ابن رسلان

الناشر

دار المعرفة

الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

على الْفَلاح لوى عُنُقه يَمِينا وَشمَالًا وَلم يستدر وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي صححها وأصبعاه فِي أُذُنه وَلَا يلْتَفت فِي غَيرهمَا لِأَنَّهُ ذكر الله وهما خطاب الْآدَمِيّ كالسلام يلْتَفت فِيهِ دون غَيره من الْأَذْكَار وَفَارق كَرَاهَة الِالْتِفَات فِي الْخطْبَة بِأَن الْمُؤَذّن دَاع للغائبين والالتفات أبلغ فِي إعلامهم وَالْقَصْد من الْإِقَامَة أَيْضا الْإِعْلَام والخطيب واعظ للحاضرين فالأدب أَن لَا يعرض عَنْهُم وَلَا يلْتَفت فِي قَوْله الصلاه خير من النّوم كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامهم (و) السّنة فِي الْمُؤَذّن (أَن يكون طَاهِرا) من الْحَدث وَلَو أَصْغَر وَمن الْخبث لخَبر (كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر) أَو قَالَ على طَهَارَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره وَقَالَ فِي الْمَجْمُوع إِنَّه صَحِيح وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاة فَلْيَكُن بِصفة من يُمكنهُ فعلهَا وَإِلَّا فَهُوَ واعظ غير متعظ فَيكْرَه أَذَان الْمُحدث غير الْمُتَيَمم وأذان الْجنب أَشد كَرَاهَة وَكَرَاهَة الْإِقَامَة من كل مِنْهُمَا أَشد من كَرَاهَة الْأَذَان مِنْهُ ويجزىء أَذَان الْجنب وإقامته وَإِن كَانَ فِي الْمَسْجِد ومكشوف الْعَوْرَة لحُصُول الْإِعْلَام وَالتَّحْرِيم لِمَعْنى آخر فَإِن أحدث وَلَو حَدثا أكبر فِي أَذَانه اسْتحبَّ إِتْمَامه وَلَا يقطعهُ ليتوضأ فَإِن تَوَضَّأ وَلم يطلّ بني وَأَن يكون مُسْتَقْبلا للْقبْلَة لِأَنَّهُ الْمَنْقُول سلفا وخلفا وَلِأَنَّهَا أشرف الْجِهَات وَأَن يكون (عدلا أَمينا) ليقبل خَبره عَن الْأَوْقَات ويؤمن نظره إِلَى العورات فَيكْرَه أَذَان الصَّبِي وَالْفَاسِق لِأَنَّهُ لَا يُؤمن أَن يُؤذن فِي غير الْوَقْت وَلَا أَن ينظر إِلَى العورات لَكِن تحصل السّنة بأذانه وَإِن لم يقبل خَبره فِي الْوَقْت وَقَوله أَمينا بدل من وَقَوله عدلا أَفَادَ بِهِ أَن أصل السّنة يحصل بِعدْل الرِّوَايَة أما كمالها فَلَا يحصل إِلَّا بِعدْل الشَّهَادَة وَيسن كَونه حرا أَيْضا لِأَنَّهُ أكمل من غَيره وَأَن يكون صيتًا أَي عالي الصَّوْت لقَوْله ﷺ فِي خبر عبد الله بن زيد بن عبد ربه ألقه على بِلَال فَإِنَّهُ أندى صَوتا مِنْك أَي أبعد مدى وَقيل أحسن صَوتا وَلِهَذَا يسن كَونه حسن الصَّوْت وَلِأَنَّهُ ﷺ اخْتَار أَبَا مَحْذُورَة لحسن صَوته وَلِأَنَّهُ أرق لسماعيه فَيكون ميلهم إِلَى الْإِجَابَة أَكثر ولزيادة الإبلاغ وَأَن يكون (مثوبا) بِالْمُثَلثَةِ (لفجره اللَّام فِيهِ للتَّعْلِيل أَو بِمَعْنى فِي بِأَن يَقُول بعد الحيعلات فِي أَذَانه الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ لوروده فِي خبر أبي دَاوُد وَغَيره بِإِسْنَاد جيد كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَهُوَ من ثاب أَي رَجَعَ لِأَن الْمُؤَذّن دَعَا إِلَى الصَّلَاة بالحيعلتين ثمَّ عَاد فَدَعَا إِلَيْهَا بذلك وَخص بالصبح لما يعرض للنائم من التكاسل بِسَبَب النّوم وَشَمل إِطْلَاقه كالغزالي وَغَيره أذاني الصُّبْح فيثوب فيهمَا وَصَححهُ فِي التَّحْقِيق قَالَ فِي الْمَجْمُوع إِنَّه ظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب وَفِي التَّهْذِيب إِن ثوب فِي الأول لَا يثوب فِي الثَّانِي وَأقرهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا وَاقْتصر على نَقله فِي الشَّرْح الصَّغِير ويثوب فِي أَذَان الْفَائِتَة أَيْضا كَمَا صرح بِهِ ابْن عجيل اليمني نظرا إِلَى أَصله وَيكرهُ التثويب فِي غير الصُّبْح لخَبر الصَّحِيحَيْنِ من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد وَأَن يكون مرجعا فِي أَذَانه بِأَن يخْفض صَوته بِكَلِمَات الشَّهَادَتَيْنِ وَهن أَربع بِأَن يسمع من بِقُرْبِهِ أَو أهل الْمَسْجِد إِن كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِم وَكَانَ الْمَسْجِد يقتصد الخطة قبل رَفعه بهما كَمَا رَوَاهُ مُسلم عَن أبي مَحْذُورَة وسمى ترجيعا لِأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الرّفْع بعد أَن تَركه أَو إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ بعد ذكرهمَا وحكمته تدبر كلمتي الشَّهَادَتَيْنِ وَالْإِخْلَاص فيهمَا لِكَوْنِهِمَا المنجيتين من الْكفْر المدخلتين فِي الْإِسْلَام وتذكر خفائهما فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ ظهورهما وَظَاهر كَلَام الرَّوْضَة وَأَصلهَا إِنَّه اسْم للمجموع لَكِن صرح النَّوَوِيّ فِي مَجْمُوعه وتحقيقه ودقائقه وتحريره بِأَنَّهُ اسْم للْأولِ وَصَوَّبَهُ بَعضهم وَفِي شرح مُسلم كحاوي الْمَاوَرْدِيّ بِأَنَّهُ اسْم للثَّانِي فكلمات الْأَذَان بالترجيع تع عشرَة كلمة وكلمات الْإِقَامَة إِحْدَى عشر وَأَن يكون (محتسبا) بأذانه أجرا عِنْد الله تَعَالَى بِأَن لَا يَأْخُذ عَلَيْهِ أجرا لخَبر التِّرْمِذِيّ وَغَيره من أذن سبع سِنِين محتسبا كتب الله لَهُ بَرَاءَة من النَّار وَلقَوْل عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ آخر مَا عهد إِلَى النَّبِي ﷺ قَالَ اتخذ مُؤذنًا لَا يَأْخُذ على أَذَانه أجرا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَلكُل أحد الرزق عَلَيْهِ من مَاله وَللْإِمَام

1 / 92