وظلت تنتظر وهي لا تزال جاثية على العشب، وفجأة شعرت بالملك إلى جانبها يساعدها بلطف على أن تقف على قدميها.
بين الأعداء
وحاول الملك أن يهدئ روعها، ولكنه شعر هو الآخر بعاطفة غريبة تغمره، ومع أن ملامحه كانت تدل على هدوء ظاهر، إلا أن عينيه كانتا تنمان عن قلق باطني هو الذي دعا إلى تضاعف ضربات قلبه، وقال لها: قد تجاب رغائبك. وسوف أحل الليلة ضيفا عندكم!
وفي تلك اللحظة حضر بعض خدم الملك، فسلم إليهم الصقر الذي كان يستقر على معصمه، ثم عاون اليصابات وطفلها في امتطاء صهوة جواد، وركب معها بعد ذلك إلى قصر جرافتون بمقاطعة نورثمبتون حيث كانت تعيش مع والدها.
كان آل ودفيل من غير الأغنياء، وكانت الحرب الأخيرة بين أسرتي لنكستر ويورك قد زادت من فقر الأب؛ لأنه انضم فيها إلى جانب أسرة لنكستر المندحرة.
وذهب الملك إدوارد الرابع إلى قصرهم، ذهب إليهم ذلك الملك الشاب الذي تولى العرش باسم أسرة يورك المنتصرة، وكان حتى ذلك الوقت منشغلا بالقضاء على فلول أعدائه، في حين كان ناصحوه ومستشاروه يجدون في البحث له عن ملكة يمكن أن تضيف قوة جديدة وعظمة إلى اسمه.
وارتعبت اليصابات في بادئ الأمر من حماسة الملك في الرأفة بحالها؛ إذ إنها كانت تنظر إليه دائما نظرتها إلى ألد أعدائها، أفلم يقض على زوجها ويصادر أملاك أطفالها معتديا على حقوقهم الموروثة؟!
ومع ذلك استمر إدوارد في مواساة اليصابات، وكان كلما تمكن من الهرب من أتباعه ورقابتهم الدقيقة امتطى جواده وسار في الغابة إلى جرافتون حتى تكتحل عيناه بمرأى الجمال ممثلا في اليصابات، ولكي يصرح لها مرة جديدة بحبه وولهه.
وبعد مدة من الزمن أجابته، في رعدة وحياء، بشيء مما كان يبثها، وكان موعدهما دائما تحت تلك الشجرة الكبيرة، شجرة البلوط، حيث تقابلا للمرة الأولى، وكانت زهور الربيع الباسمة التي تفتحت أكمامها تكون لهما مقعدا وثيرا، كما كانت الطيور تغرد لهما أناشيد السعادة والحب.
كان شكلهما بديعا إذا ركبا جنبا إلى جنب وسارا في طرقات الغابة الضيقة، وكان شعر اليصابات الذهبي يصل إلى وسطها وهو يكون لعينيها الزرقاوين، وفمها الأحمر الرقيق، وعنقها الأبيض الجميل ما وراء رائعا.
صفحة غير معروفة