كان الغراندوق يسرف في الحديث عن إعجابه بالملكة للجنرال يوريفتش، حتى أدرك هذا الأخير أنها أحدثت تأثيرا عميقا في نفسه، وأخذ يفكر فيما قد ينشأ عن هذه العلاقة من نتائج سياسية قد تكون مبدأ العلاقات الودية بين إنجلترا والروسيا.
الملكة فيكتوريا.
ولا شك أن أحسن الوسائل للاستمتاع بشيء من الحرية بين نظام القصور الملكية الدقيق، وقواعدها الصارمة في حدود البروتوكول الضيقة هي إقامة حفلة راقصة من المسلم أن ترقص فيها الملكة بنفسها وترأسها، وتجري فيها المحادثات بشكل ودي. وليتصور القارئ حمى الليل وهي تسري في عروق الاثنين، والموسيقى تدعوهما إلى سمائها الملأى بالعذوبة والرقة، والأزهار ذات الرائحة الجميلة تحلق بهما إلى عالم الخيال الرقيق الجميل، والأنوار الساطعة تملأ لهما جو المكان بالبهجة والرواء، والمرايا تعكس إليهما ألوان الجمال الذي يمر أمامهما، فأي مكان يمكن لمخلوق أن يجد أنسب منه ليخرج فيه الغرام من نطاق السر والكتمان؟
وفي تلك الحفلة الباهرة رقص الغراندوق كثيرا مع الملكة، وكانت تبدو عليه مظاهر السعادة ما دام إلى جانبها، كما كان يبدو على الملكة أنها سعيدة بصحبته، وكان جميع الموجودين ينظرون إلى الاثنين بمنتهى الإعجاب ، ويرون فيهما «زوجا» بديعا.
وعاد ركب الغراندوق في الساعة الرابعة صباحا لما انتهت الحفلة، ولاحظ رجال الحاشية مظاهر التفكير العميق وانشغال الفكر على سموه.
وقد كتبت الملكة فيكتوريا شيئا عن هذه الحفلة في مفكرتها الخاصة تحت يوم الجمعة 10 مايو من عام 1839 فقالت:
دخلت في الساعة العاشرة إلى القاعة الأولى كما هي العادة، حيث وجدت أفراد حاشيتي في انتظاري، ولحق بنا إلى تلك القاعة الغراندوق ومعه الكونت أورلوف والأمير هنري أوف أورنج وغيرهم، ولما أتممت عمل «الدائرة» بدأ الرقص، وقد رقصت أولا مع الغراندوق، ثم ذهبنا بعد ذلك إلى القاعة الأخرى حيث راقصت الأمير دولجروكي، ثم اللورد دوجلاس.
وفي الساعة الواحدة تناولنا طعام العشاء واستأنفنا الرقص بعد العشاء بحماس أعظم.
وعدنا بعد ذلك إلى القاعة الصغيرة حيث شاهدنا رقص بعض الاسكتلنديين، وكان الغراندوق يجلس إلى جانبي، وقد ختمت الحفلة برقصة مع سموه، وغادرت الصالة في الساعة الثالثة والدقيقة 15 صباحا وأنا في غاية الرضا، أشعر بشيء كثير من سعادة الروح.
الأزمة
صفحة غير معروفة