غرائب القرآن و رغائب الفرقان
قالوا مكان حطة حنطة. وقيل : قالوا بالنبطية والنبط قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين حطا سمقاثا أي حنطة حمراء استهزاء منهم بما قيل لهم ، وعدولا عن طلب ما عند الله إلى طلب ما يشتهون. وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «
** قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم
خطاياكم ، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا : حبة في شعرة
في تقبيح أمرهم وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم ، وهو أن وضعوا غير ما أمروا به مكان ما أمروا به. والرجز العذاب. عن ابن عباس : مات بالفجأة منهم أربعة وعشرون ألفا في ساعة واحدة. وقال ابن زيد : بعث الله عليهم الطاعون حتى مات من الغداة إلى العشي عشرون ألفا. وقيل : سبعون ألفا. ومعنى ( من السماء ) يحتمل أن يكون شيئا نازلا من جهة العلو كريح ونحوه ، ويحتمل أن يراد من قبل الأمر النازل من عند الله تفظيعا لشأن العذاب. والفسق هو الخروج عن طاعة الله إلى معصيته بارتكاب الكبيرة ، فالمراد ( بما كانوا يفسقون ) إما الظلم المذكور وفائدة التكرار التأكيد ، وإما أن يراد أنهم استحقوا اسم الظلم بسبب ذلك التبديل. ونزول الرجز عليهم من السماء بالفسق الذي كانوا يفعلون قبل ذلك التبديل مستمرا إلى أوان هذا الظلم ، وهذا أظهر لزوال التكرير ، ولأن لفظة «كانوا» تنبىء عن خصلة مستمرة ، والخصلة الواحدة المعينة لا يتصور فيها الاستمرار. فلو كان المراد ذلك لقيل بما فسقوا. وربما احتج أصحاب الشافعي بقوله تعالى ( فبدل الذين ظلموا ) أنه لا يجوز تحريم الصلاة بلفظ التحميد والتعظيم والتسبيح ، ولا تجوز القراءة بالفارسية ، وكذا لا يجوز تبديل ما ورد به التوقيف من الأذكار بغيرها . وأجيب بأنهم إنما استحقوا الذم لتبديلهم القول إلى قول آخر يضاد معناه معنى الأول ، فلا جرم استوجبوا الذم. فأما من غير اللفظ مع بقاء المعنى فليس كذلك. ورد بأن ظاهر الآية يتناول كل من بدل قولا بقول آخر سواء اتفق القولان في المعنى أم لم يتفقا.
** (أسئلة)
) لأنه صرح بالقائل في أول القرآن إزالة للإبهام ، ولأن الكلام مرتب على قوله ( اذكروا نعمتي ) وفي «الأعراف»
صفحة ٢٩٥