277

( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (47) واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون (48))

** القراآت :

** الوقوف :

** التفسير :

صلى الله عليه وسلم ، كأنه قال : إن لم تطيعوني لأجل سوالف نعمتي عليكم فأطيعوني للخوف من عقابي في المستقبل. والمراد بالعالمين هاهنا الجم الغفير من الناس كقوله « ( باركنا فيها للعالمين ) [الأنبياء : 71]. ويقال : رأيت عالما من الناس. يراد الكثرة بقرينة العلم بأنه لم ير كل الناس ، ويمكن أن يكون المراد فضلتكم على عالمي زمانكم ، لأن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك لا يكون من جملة العالمين. ويحتمل أن يكون لفظ ( العالمين ) عاما للموجودين ولمن سيوجد لكنه مطلق في الفضل ، والمطلق يكفي في صدقه صورة واحدة. فالآية تدل على أنهم فضلوا على كل العالمين في أمر ما ، وهذا لا يقتضي أن يكونوا أفضل من كل العالمين في كل الأمور ، فلعل غيرهم يكون أفضل منهم في أكثرها. وقيل : الخطاب لمؤمني بني إسرائيل لأن عصاتهم مسخوا قردة وخنازير ، وفي جميع ما يخاطب الله تعالى بني إسرائيل تنبيه للعرب لأن الفضيلة بالنبي قد لحقتهم. وجميع أقاصيص الأنبياء تنبيه وإرشاد ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) [يوسف : 111]. روي عن قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول : قد مضى والله بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم. واتقاء اليوم هو اتقاء ما يحصل في ذلك اليوم من الشدائد والأهوال ، لأن نفس اليوم لا يتقى. وقوله ( لا تجزي ) إلى آخر الآية. الجمل منصوبات المحل صفات متعاقبة لليوم ، والراجع منها إلى الموصوف محذوف تقديره : لا تجزي فيه. ومنهم من يقول : اتسع فيه فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار وهو «في» فبقي لا تجزيه ، ثم حذف الضمير كما حذف في قوله «أم مال أصابوا» قال :

فما أدري أغيرهم تناء

وطول العهد أم مال أصابوا

أي أصابوه. ولا يخفى أن هذا التكلف لا يتمشى في سائر الجمل ، بل يتعين تقدير الجار والمجرور العائد. ومعنى لا تجزي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق ، ومنه الحديث في الجذعة التي ضحاها ابن نيار قبل الوقت «تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك» و ( شيئا )

صفحة ٢٧٩