109

يرجى أن يكون كذلك في الآخرة ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) [النساء : 69].

** الثالثة :

الطريق المستقيم. وأيضا المستقيم واحد وما سواه معوجة يشبه بعضها بعضا في الاعوجاج ، فكان أبعد من الخوف وأقرب إلى الخلاص. وأيضا ميل الطباع إلى الاستقامة أكثري فلهذه الأسباب سئل الصراط المستقيم.

** الحادي عشر في فوائد قوله «صراط الذين أنعمت عليهم».

** الأولى :

الفاعل منفعة نفسه أولا على جهة الإحسان لم يكن نعمة فلا يستحق الشكر. ثم نقول : كل ما يصل إلى الخلق من نفع أو دفع ضر فهو من الله تعالى لقوله ( وما بكم من نعمة فمن الله ) [النحل : 53] ولأن الواصل من جهة غير الله ينتهي إليه أيضا لأنه الخالق لتلك النعمة ، وكذلك للمنعم ولداعية ذلك الإنعام فيه. والنعم الواصلة إلينا بطاعاتنا هي أيضا من الله تعالى لأنها بتوفيقه وإعانته بأن أتاح الأسباب وأزاح الأعذار. وأول نعمة من الله تعالى على عبيده نعمة الحياة التي بها يمكن الانتفاع بالمنافع والاحتراز عن المضار قال تعالى : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) [البقرة : 28] ثم عقب ذلك بقوله ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) [البقرة : 29].

** الثانية :

قوله «صراط الذين أنعمت عليهم» فإنه لو كان له على الكفار نعمة لزم طلب صراط الكفار لأن المبدل منه وهو الصراط المستقيم في حكم المنحى. والجواب أن قوله «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» يدفع ذلك ، ومنها قوله ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) [آل عمران : 178] والجواب أنه لا يلزم من أن لا يكون الإملاء خيرا ونعمة لهم أن لا يكون أصل الحياة وسائر أسباب الانتفاع نعمة ، فإن الإملاء تأخير النقمة بعد ثبوت استحقاقها ، فما قبل هذه الحالة لا يكون كذلك. على أن نفس الإملاء أيضا تمتيع حالي ( قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار ) [البقرة : 126] وليس هذا كمن جعل السم في الحلواء على ما ظن ، وإنما هو كمن ناول شخصا حلواء لذيذة غير مسمومة ولكن ذلك الشخص لفساد مزاجه أو لاستعماله الحلواء لا كما ينبغي أفسد مزاج الحلواء أيضا وصيره كالسم القاتل بالنسبة إليه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «

** نعم

صفحة ١١١