الغارة السريعة لرد الطليعة
تصانيف
الوجه الأول: أن المنفي في هذا الحديث الصلاة لا الإسلام، لأنه قال: لم يصل معي رجل غيره، فمن الجائز أنهم لم يصلوا معه، وإن كانوا قد أسلموا في السبع السنين، ويشير إلى أنه لا يلزم من الإسلام في أول البعثة الصلاة معه، قول الله تعالى: { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك } [المزمل:20]. فظهر أنه لا تلازم، ولو كان يلزم من الإسلام الصلاة معه لكانوا معه كلهم، ولو كانوا معه كلهم لقال: { الذين معك }. ولم يقل: { وطائفة من الذين معك }، وهذا لاحتمال أن الصلاة لم تكن قد وجبت عليهم، أو أن الجماعة لم يكن قد وقع الحث عليها، لعدم الأذان، فكان علي يصلي معه اختيارا لملازمته له من قبل الإسلام، وكونه معه بمنزلة الابن مع أبيه، بخلاف غيره من الرجال.
الوجه الثاني: أنه يحتمل أن الصلاة كانت قبل البعثة، هي التحنث الذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعله، أو هي [ العبادة التي ] كان يفعلها في الغار الذي كان يتحنث فيه، وكان علي يصلي معه، وهذا يستقيم على أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي له خمس عشرة سنة أو نحو ذلك، وهذا قد روي فلا وجه للقطع بكذب الرواية بالنظر إلى التاريخ، كما أنه لا وجه للقطع بوضعها بالنظر إلى السند، لوجود الشواهد، مع أن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عندنا مقبول الرواية، ولا نقبل فيه جرح ابن معين، لما قدمنا، ولا إنكار البخاري، لما قدمنا أيضا من أنهم ينكرون ما ليس منكرا في الواقع.
قال السيد العلامة عبد الله بن الهادي الحسن بن يحيى القاسمي في حاشية كرامة الأولياء، في شرح حديث أحمد بن حنبل عن علي عليه السلام، اللهم إني لا أعترف أن عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعا. وتكلم في سنده ورد جرح الذهبي لبعض رجاله، ثم خرجه، وأورد حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع بسنده من أمالي أبي طالب، ومناقب محمد بن سليمان الكوفي، وقال في محمد بن عبيد الله ما لفظه: وأما ابن أبي رافع فهو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وثقه ابن حبان، والحاكم، وأخرج له ابن ماجة، وعداده في ثقات محدثي الشيعة. انتهى.
صفحة ٩٣