مناقشة الصحاح الستة
(المطلب الثالث): أن أخبارهم غير صالحة للاستدلاال بها على شيء من مطالبهم، لأن منتقى أخبارهم ما جمعته الصحاح الستة، وهي مشتملة على أنواع من الخلل، ساقطة عن الاعتبار البتة لأمور:
الأمر الأول: أنهم ذكروا في كيفية جمعها وفي جامعيها ما يقضي بوهنها، ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب بترجمة سويد بن سعيد الهروي: أن إبراهيم بن أبي طالب قال لمسلم: كيف استجزت الرواية عن سويد. قال: ومن أين آتى بنسخة حفص بن ميسرة؟! ومثله في ميزان الاعتدال، فهل ترى أن هذا عذر في الرواية عن الضعفاء؟! وهو يدعي أنه لا يروي في صحيحه إلا عن ثقة، فيكون غارا خائنا، فيسقط كتابه عن الاعتبار.
ونقل الذهبي في الميزان بترجمة أحمد بن عيسى بن حسان المصري: أن أبا زرعة ذكر عنده صحيح مسلم فقال: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئا يتشرفون به. وقال: يروي عن أحمد بن عيسى في الصحيح ما رأيت أهل مصر يشكون في أنه!! وأشار إلى لسانه.
وذكر ابن حجر بترجمة عمرو بن مرزوق: أن الأزدي قال: كان علي بن المديني صديقا لأبي داود، وكان أبو داود لا يحدث حتى يأمره علي، وكان ابن معين يطري عمرو بن مرزوق ويرفع ذكره، ولا يصنع ذلك بأبي داود لطاعته لعلي. وهذا يدل على أن اعتبارهم للرجال تبع للهوى لا للحق.
وذكر ابن حجر بترجمة أحمد بن صالح المصري: أن الخطيب قال: احتج بأحمد بن صالح جميع الأئمة إلا النسائي فإنه نال منه جفاء في مجلسه، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما، وقال العقيلي: كان أحمد بن صالح لا يحدث أحدا حتى يسأل عنه، فجاءه النسائي فأبى أن يأذن له فشنع عليه. انتهى ملخصا.
صفحة ١٥