وليت شعري كيف لا يتهم بالكذب وقد زعم أنه زاد في الحديث إرضاء لصاحبه؟! وهل يتصور عدم كلامه في أحمد وقد فعل معه ما هو أشد من الكلام، وهو الضرب على حديثه، وبالضرورة إن من يزيد في الحديث كذبا ويضرب على ما هو معتبر، ويبطل الصحيح المقبول عندهم، طلبا للدنيا ورضا أهلها، لا يؤمن أن يوافق الهوى في توثيق الرجال وتضعيفهم، وإن شئت قلت: إن ضربه على أحاديث أحمد طعن في أحدهما وهو من المطلوب.
ومنهم (الترمذي) ذكر الذهبي في الميزان بترجمة إسماعيل بن رافع: أن جماعة من علمائهم ضعفوا إسماعيل، وجماعة قالوا: متروك. ثم قال: ومن تلبيس الترمذي قال: ضعفه بعض أهل العلم.
وذكر أيضا بترجمة يحيى بن يمان حديثا وقال: حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه، فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاقة غالبها ضعاف.
وقال أيضا بترجمة كثير بن عبد الله المزني: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
ومنهم (الجوزجاني إبراهيم بن يعقوب السعدي) فإنهم ذكروا أنه ناصبي معلن به. ومن المعلوم أن الناصب فاسق منافق، لما سبق في رواية مسلم أن مبغض علي منافق، ولا ريب أن النفاق أعظم الفسق، وقد قال تعالى: { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا }، بل النفاق نوع من الكفر، بل أشده، فلا يقبل قول مثله في الرجال، وشهادته فيهم مردودة، وتوثيقه وتضعيفه غير مسموع.
ومنهم (محمد بن حبان) قال في الميزان بترجمته: قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: غلط الغلط الفاحش في تصرفه، وصدق أبو عمرو، وله أوهام كثيرة. ثم قال: قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام: سمعت عبد الصمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل، وحكموا عليه بالزندقة وهجروه، وكتبوا فيه إلى الخليفة فأمر بقتله. وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سألت يحيى بن عمار عنه، فقال: رأيته ونحن أخرجناه من خراسان، كان له علم كثير ولم يكن له كبير دين.
صفحة ١٢