قال: أما أنت فتدخل، وهو إنما ادخرك لمثل هذه الليلة، وتلك مزية الخصيان، فامض إليه على عجل لأن الوقت ضيق وقل له: إن عبيد الله يريد أن يراك الآن.
قال: وإذا انتهرني ولم يسمع كلامي؟
قال: خوفه بما شئت. قل له إن عبيد الله يطلب مقابلتك في أمر ذي بال يمس الخلافة، ولكن لا تقل له ذلك على مسمع من أحد. امض يا فتح عاجلا.
فأسرع فتح وهو يتعثر بأذياله حتى صعد إلى المقصورة، فرأى الباب مغلقا، وسمع يزيد يضرب بالطنبور ويقهقه، فوقف برهة وقلبه يخفق مخافة أن يغضب الخليفة إذا دعاه، فلبث مدة يتردد حتى كاد ينثني عما جاء لأجله، ثم تذكر إلحاح عبيد الله فهان عليه الأمر ودنا من الباب وقرعه.
وكان يزيد في إبان نشوته، وقد اتكأ بجانب سلمى وأسند رأسه على صدرها وتمثلت له السعادة على أبهج حالاتها، فلما سمع قرع الباب أجفل وجلس وصاح: من بالباب؟
فأجابه فتح: أنا عبدك فتح.
فصاح يزيد: اذهب فتح الله قبرك، لقد أزعجتني.
قال: أتيت لأمر ذي بال لمولاي أمير المؤمنين.
فضحك يزيد وقال له : دع الأمر إلى الغد وامض ، ولو قرع هذا الباب أحد سواك لقتلته.
قال: إني أعلم يا مولاي، ولكنني ألتمس من أمير المؤمنين أن يريني وجهه لحظة ثم يعود.
صفحة غير معروفة