بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
الناشر
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
أَبْوَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ فَرْضِهِ وَسُنَنِهِ
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ لَهُ
٢٢٥- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلامِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ ثُلُثُ الْعِلْمِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ بِقَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ وَلِسَانِهِ وَعَمَلُ الْقَلْبِ أَرْجَحُهَا، لأَنَّهُ يَكُونُ عِبَادَةً بِانْفِرَادِهِ دُونَ الآخَرِينَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْمَقَاصِدِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَسَائِلِ وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فِي اشْتِرَاطِهَا لِلْوُضُوءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالنِّيَّةُ: الْقَصْدُ وَهُوَ عَزِيمَةُ الْقَلْبِ.
قَوْلُهُ: «وَإِنَّمَا لأمْرِئٍ مَا نَوَى» فِيهِ تَحْقِيقٌ لاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَالإِخْلاصِ فِي الأَعْمَالِ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ مَنْ نَوَى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَحْصُلْ.
قَوْلُهُ: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» . أَيْ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ نِيَّةً وَقَصْدًا، فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ حُكْمًا وَشَرْعًا. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ
1 / 61