بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
الناشر
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
علوم الحديث
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَحْنُحَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُفْسِدٍ.
قَوْلُهُ: (نَفَخَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ) . قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: أُفْ، أُفْ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ أَنَّ النَّفْخَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاة بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ، وَالنَّفْخُ كَلَامٌ. وَأُجِيبُ بِمَنْعِ كَوْنِ النَّفْخِ مِنْ الْكَلَامِ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ مُتَرَكِّبٌ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُعْتَمِدَةِ عَلَى الْمَخَارِجِ وَلَا اعْتِمَادَ فِي النَّفْخِ. وَأَيْضًا الْكَلَامُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ الْمُكَالَمَةُ، وَلَوْ سَلِمَ صَدَقَ اسْمُ الْكَلَامِ عَلَى النَّفْحِ لَكَانَ فِعْلُهُ ﷺ لِذَلِكَ فِي الصَّلَاة مُخَصِّصًا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الاخْتِيَارَات: وَالنَّفْخُ إِذَا بَانَ مِنْهُ حَرْفَان هَلْ تَبْطُلُ الصَّلاة بِهِ أَمْ لا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدٍ رِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ كَلامِ ابن عَبَّاسٍ تَرْجِيح عَدَم الإِبْطَالِ وَالسُّعَالِ وَالْعطَاسِ وَالتَّثَاؤُبِ وَالْبُكَاءِ وَالتَّأَوُّهِ وَالأَنِينِ الَّذِي يُمْكِنُ دَفْعَهُ فَهَذِهِ الأَشْيَاءِ كَالنَّفْخِ فَالأَوْلَى أَنْ لا تَبْطُل فَإِنَّ النَّفْخَ أَشْبَهُ بِالْكَلامِ مِنْ هَذِهِ. انْتَهَى.
بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾
١٠٧٠- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: رَأَيْت النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
١٠٧١- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجَعُهُ، قِيلَ لَهُ: الصَّلَاةُ، قَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إذَا قَرَأَ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ، فَقَالَ: «مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ» . فَعَاوَدَتْهُ، فَقَالَ: «مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
١٠٧٢- وَمَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَمْ لَا.
1 / 302