232

بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

الناشر

دار إشبيليا للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

قَوْلُهُ: «مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَنَا هَذَا لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ لِيُعَلِّمَهُ» . الحَدِيث. قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ التَّنْوِيهُ بِشَرَفِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ. وَفِيهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْإِرْشَادُ إلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ وَالتَّعَلُّمَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ الْأَمْكِنَةِ.
قَوْلَةُ: «إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك» . الْحَدِيثُ قَالَ الشَّارِحُ: أَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُقِدَ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَمْلَ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْحَقُّ. وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْضِ وَصِحَّةِ الْعَقْدِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيمِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قَرِينَةً لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
وَأَمَّا إنْشَادُ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ فَحَدِيثُ الْبَابِ وَمَا مَعْنَاهُ يَدُلُّ عَلَى ... عَدَمِ جَوَازِهِ وَيُعَارِضُهُ تَصْرِيحُ حَسَّانَ بِأَنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ بِالْمَسْجِدِ وَفِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: حَمْلُ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالرُّخْصَةِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ. وَالثَّانِي: حَمْلُ أَحَادِيثِ الرُّخْصَةِ عَلَى الشِّعْرِ الْحَسَنِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى التَّفَاخُرِ وَالْهِجَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي إنْشَادِ الشِّعْرِ الْحَسَنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الشِّعْرُ كَلَامٌ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ. وَقَدْ وَرَدَ هَذَا مَرْفُوعًا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ فِي
مَدْحِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ الشَّرْعِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَرْفَعْ بِهِ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يُشَوِّشُ بِذَلِكَ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ قَارِئٍ أَوْ مُنْتَظِرِ الصَّلَاةِ.
أَمَّا التَّحَلُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ) قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ سَيَأْتِي

1 / 236