بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
الناشر
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
بَابُ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالْعَفْوِ عَنْ الأَثَرِ بَعْدَهُمَا
٣٥- عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٣٦- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَيْسَ لِي إلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ قَالَ: «فَإِذَا طَهُرْت فَاغْسِلِي مَوْضِعَ الدَّمِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ» . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثَرُهُ؟ قَالَ: «يَكْفِيك الْمَاءُ وَلا يَضُرُّك أَثَرُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
٣٧- وَعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْت عَائِشَةَ عَنْ الْحَائِضِ يُصِيبُ ثَوْبَهَا الدَّمُ، فَقَالَتْ: تَغْسِلُهُ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ فَلْتُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ مِنْ صُفْرَةٍ. قَالَتْ: وَلَقَدْ كُنْت أَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَلاثَ حَيْضٍ جَمِيعًا لا أَغْسِلُ لِي ثَوْبًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ تَقْرُصُهُ» قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ تُدَلِّكُ مَوْضِعَ الدَّمِ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهَا لِيَتَحَلَّلَ بِذَلِكَ وَيَخْرُجَ مَا يَشْرَبُهُ الثَّوْبُ مِنْهُ. قال المُصنِّفُ:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ لا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَإِنْ قَلَّ لِعُمُومِهِ، وَأَنَّ طَهَارَةَ السُّتْرَةِ شَرْطٌ لِلصَّلاةِ، وَأَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ وَأَمْثَالَهَا لا يُعْتَبَرُ فِيهَا تُرَابٌ وَلا عَدَدٌ وَأَنَّ الْمَاءَ مُتَعَيَّنٌ لإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ.
قَوْلُهُ: «يَكْفِيك الْمَاءُ وَلا يَضُرُّك أَثَرُهُ» . قَالَ الشَّارِحُ: اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْحَوَادِّ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْحَادِّ الْمُعْتَادِ، لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ: «حُكِّيهِ بِضَلْعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»،
وَقِيلَ: يَكُونُ اسْتِعْمَالُ الْحَوَادِّ مَنْدُوبًا جَمْعًا بَيْنَ الأَدِلَّةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: «لا يَضُرُّك أَثَرُهُ» أَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ النَّجَاسَةِ الَّذِي عَسُرَتْ إزَالَتُهُ لا يَضُرُّ، لَكِنْ بَعْدَ التَّغَيِيرِ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى يَذْهَبَ لَوْنُ الدَّمِ؛ لأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهَا: (لا أَغْسِلُ لِي ثَوْبًا) . قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ
1 / 20