بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
الناشر
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «وَإِقَامِ الصَّلَاةِ» أَيْ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الْإِسْلَامِ وَتَمَامَهُ بِهَذِهِ الْخَمْسِ، فَهُوَ كَخِبَاءٍ أُقِيمَ
عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ، وَقُطْبُهَا الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْأَرْكَانُ الشَّهَادَةُ وَبَقِيَّةُ شُعَبِ الْإِيمَانِ كَالْأَوْتَادِ لِلْخِبَاءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعْرِفَةِ الدِّينِ وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ وَقَدْ جَمَعَ أَرْكَانَهُ. قَالَ الشَّارِحُ: وحديث أنس طرف من حديث الإسراء الطويل، وقد استدل به على عدم فرضية الصلاة ما زاد على الخمس صلوات كالوتر، وَحَدِيثُ عَائشة: يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَصْرِ، وَأَنَّهُ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ. وَالْمُصَنِّفُ سَاقَ الْحَدِيثَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُنْذُ فُرِضَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي تَحْقِيقُ مَا هُوَ الْحَقُّ فِي بَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قال: وَحَدِيثُ طلْحة يَدُلّ عَلَى فَرْضِيَّةِ الصَّلَاةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا عَلَى الْعِبَادِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى:
وَفِيهِ مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ لَمْ يُوجِبُ صَلَاةَ الْوِتْرِ وَلَا صَلَاةَ الْعِيدِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَفِي جَعْلِ هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فِي مَبَادِئِ التَّعْلِيمِ لَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِهِ فِي صَرْفِ مَا وَرَدَ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَزِمَ قَصْرُ وَاجِبَاتِ الشَّرِيعَةِ بِأَسْرِهَا عَلَى الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّهُ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَإِبْطَالٌ لِجُمْهُورِ الشَّرِيعَةِ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالدَّلِيلِ الْمُتَأَخِّرِ إذَا وَرَدَ مَوْرِدًا صَحِيحًا وَيُعْمَل بِمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَهَذَا أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْبَحْثُ مِمَّا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْحَقِّ أَنْ يُمْعِنَ النَّظَرَ فِيهِ وَيُطِيلَ التَّدَبُّرَ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ فِيهِ مِنْ أَهَمِّ الْمُطَالَبِ الْعِلْمِيَّة لِمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْبَالِغَةِ إلَى حَدٍّ يَقْصُرُ عَنْهُ الْعَدُّ.
بَابُ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ
٥٠٣- عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتَوْا
1 / 139