روضة العابدين
الناشر
مكتبة الجيل الجديد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
مكان النشر
صنعاء - اليمن
تصانيف
هكذا فكن معها:
فيا أيها العاقل، لا تغتر بدنياك فتنسى آخرتك؛ فالدنيا زهرة فانية عما قريب ستذبل، ولا تنظر إليها بعين الإعجاب والطمع؛ فإنها لا تستحق تلك النظرة على الحقيقة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر: ٥]. وقال: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: ١٣١].
ولا تنظر إلى أولئك الذين فرحوا بما أُوتوا من أعراض الدنيا ومتاعها الزائل فألهاهم عن الدار الآخرة، قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦].
فإن هذه الدار دار خيال ولهو ولهب، وليس بعاقل من انصرف إلى ذلك وترك دار الحقيقة والخلود، قال تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢].
فخذ من دنياك ما يكفيك ولا يلهيك، وأعرض عنها احتقارًا لشأنها، واستصغارًا لما فيها فذلك هو الزهد، فعن سهل بن سعد الساعدي ﵁ قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس) (^١).
"كتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه: أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند الله؛ فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله؛ لرغبتك فيما عنده، وأحبك الناس؛ لتركك لهم دنياهم، والسلام" (^٢).
(^١) رواه ابن ماجه (٢/ ١٣٧٣)، وهو حسن.
(^٢) شعب الإيمان، للبيهقي (٧/ ٣٨١).
1 / 344