188

روضة العابدين

الناشر

مكتبة الجيل الجديد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

مكان النشر

صنعاء - اليمن

تصانيف

لا تَأُمَنِ الموتَ في طَرْفٍ ولا نَفَسٍ قال الفضل بن يحيى: استدعاني الرشيد يومًا- وقد زخرف منازله وأكثر الطعام والشراب واللذات فيها- ثم استدعى أبا العتاهية فقال له: صِفْ لنا ما نحن فيه من العيش والنعيم، فقال أبو العتاهية: عِشْ ما بَدَا لكَ سالمًا … في ظِلّ شاهقَةِ القُصورِ يُسْعَى عليكَ بِمَا اشتهيْتَ … لدَى الرَّوَاح أوِ البُكُورِ فإذا النّفوسُ تَقعَقَعَتْ … في ظلّ حَشرجَةِ الصّدورِ فَهُناكَ تَعلَم مُوقِنًا … مَا كُنْتَ إلاَّ فِي غُرُورِ فبكى الرشيد بكاء كثيرًا شديدًا فقال له الفضل بن يحيى: دعاك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته! فقال له الرشيد: دعه؛ فإنه رآنا في عمى، فكره أن يزيدنا عمى. ومن وجه آخر أن الرشيد قال لأبي العتاهية: عظني بأبيات من الشعر وأوجز. فقال: لا تَأُمَنِ الموتَ في طَرْفٍ ولا نَفَس … وإن تمنَّعتَ بالحُجَّاب والحرسِ واعْلَمْ بأنّ سِهامَ الموت قاصدةٌ … لكلِّ مُدَّرعٍ منّا ومُتَّرِسِ ترجو النجاةَ ولم تَسْلُكْ طَرِيقَتها … إنّ السفينةَ لا تَجْرِي على اليَبسِ" (^١). من حفظ اللهَ حفظه اللهُ في أولاده من بعده قال ابن الجوزي: بلغني أن المنصور قال لعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ﵁: عظني. قال: "مات عمر بن عبد العزيز ﵀ وخلَّف أحد عشر ابنًا، وبلغت تركته سبعة عشر دينارًا كُفِّن منها بخمسة دنانير، وثمن موضع قبره ديناران، وقسِّم الباقي على بنيه، فأصاب كل واحد من ولده تسعة عشر درهمًا، ومات

(^١) البداية والنهاية، لابن كثير (١٠/ ٢١٨).

1 / 192