الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
الناشر
دار إحياء التراث العربي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1418هـ- 1998م
مكان النشر
لبنان
إيجاز البيان بضرب من الإجمال بدء الخلق الهباء وأول موجود فيه اعحقيقة المحمدية الرحمانية ولا أين يحصرها لعدم التحيز ومم وجد وجد من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم وفيم وجد في الهباء وعلى أي مثال وجد الصورة المعلومة في نفس الحق ولم وجد لإظهار الحقائق الإلهية وما غايته التخليص من المزجة فيعرف كل عالم حظه من منشئه من غير امتزاج فغايته إظهار حقائقه ومعرفة أفلاك الأكبر من العالم وهو ما عدا الإنسان في اصطلاح الجماعة والعالم الأصغر يعني الإنسان روح العالم وعلته وسببه وأفلاكه مقاماته وحركاته وتفصيل طبقاته فهذا جميع ما يتضمنه هذا الباب فكما أن الإنسان عالم صغير من طريق الجسم كذلك هو أيضا حقير من طريق الحدوث وصح له التأله لأنه خليفة الله في العالم والعالم مسخر له مألوه كما أن الإنسان مألوه لله تعالى واعلم أن أكمل نشأة الإنسان إنما هي في الدنيا وأما الآخرة فكل إنسان من الفرقتين على النصف في الحال لا في العلم فإن كل فرقة عالمة بنقيض حالها فليس الإنسان إلا المؤمن والكافر معا سعادة وشقاء نعيم وعذاب منعم ومعذب ولهذا معرفة الدنيا أتم وتجلى الآخرة أعلى فافهم وحل هذا القفل ولنا رمز أن تفطن وهو لفظة بشيع شنيع ومعناه بديع :
روح الوجود الكبير . . . هذا الوجود الصغير
لولاه ما قال إني . . . أنا الكبير القدير
لا يحجبنك حدوثي . . . ولا الفنا والنشور
فإنني إن تأمل . . . تني المحيط الكبير
فللقديم بذاتي . . . وللجديد ظهور
والله فرد قديم . . . لا يعتريه قصور
والكون خلق جديد . . . في قبضتيه أسير
فجاء من هذا أني . . . أنا الوجود الحقير
وإن كل وجود . . . على وجودي يدور
فلا كليلي ليل . . . ولا كنوري نور
فمن يقل في عبد . . . أنا العبيد الفقير
أو قال إني وجود . . . أنا الوجود الخبير
فصحني ملكا تجدني . . . أو سوقة ما تجور
فيا جهولا بقدري . . . أنت العليم البصير
بلغ وجودي عني . . . والقول صدق وزور
وقل لقومك أني . . . أنا الرحيم الغفور
وقل بأن عذابي . . . هو العذاب المبير
وقل بأني ضعيف . . . لا أستطيع أسير
صفحة ١٦٨