الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
الناشر
دار إحياء التراث العربي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1418هـ- 1998م
مكان النشر
لبنان
وصناعة التركيب عند رجوعها . . . بسنا الوجود إلى ظلام الهاوية اعلم أيدك الله أنه لما كان العلم المنسوب إلى الله لا يقبل الكثرة ولا الترتيب فإنه غير مكتسب ولا مستفاد بل علمه عين ذاته كسائر ما ينسب إليه من الصفات وما سمى به من الأسماء وعلوم ما سوى الله لابد أن تكون مرتبة محصورة سواء كانت علوم وهب أو علوم كسب فإنها لا تخلو من هذا الترتيب الذي نذكره وهو علم المفرد أولا ثم علم التركيب ثم علم المركب ولا رابع لها فإن كان من المفردات التي لا تقبل التركيب علمه مفردا وكذلك ما بقي فإن كل معلوم لابد أن يكون مفردا أو مركبا والمركب يستدعي بالضرورة تقدم علم التركيب وحينئذ يكون علم المركب فهذا قد علمت ترتيب جمع العلوم الكونية فنبين لك حصر المنازل في هذا المنزل وهي كثيرة لا تحصى ولنقتصر منها على ما يتعلق بما يختص به شرعنا ويمتاز به لا بالمنازل التي يقع فيها الاشتراك بيننا وبين غيرنا من سائر علوم الملل والنحل وجملتها تسعة عشر مرتبة أمهات ومنها ما يتفرع إلى منازل ومنها ما لا يتفرع فلنذكر أسماء هذه المراتب ولنجعل لها اسم المنازل فإنه كذا عرفنا بها في الحضرة الإلهية والأدب أولى فلنذكر ألقاب هذه المنازل وصفات أربابها وأقطابها المتحققين بها وأحوالهم وما لكل حال من هذه الأحوال من الوصف ثم بعد ذلك نذكر إن شاء الله كل صنف من هذه التسعة عشر ونذكر بعض ما يشتمل عليه من أمهات المنازل لا من المنازل فإنه ثم منزل يشتمل على ما يزيد على المائة من منازل العلامات والدلالات على أنوار جلية ويشتمل على آلاف وأقل من منازل الغايات الحاوية على الأسرار الخفية والخواص الجلية ثم تتلو ما ذكرنا بما يضاهي هذا العدد لهذه المنازل من الموجودات قديمها وحديثها ثم نذكر ما يتعلق ببعض معاني هذا المنزل على التقريب والاختصار إن شاء الله تعالى ذكر ألقابها وصفات أقطابها فمن ذلك منازل الثناء والمدح هو لأرباب الكشوفات والفتح ومنازل الرموز والألغاز لأهل الحقيقة والمجاز ومنازل الدعاء لأهل الإشارات والبعد ومنازل الأفعال لأهل الأحوال والاتصال ومنازل الابتداء لأهل الهواجس والإيماء ومنازل التنزيه لأهل التوجيه في المناظرات والاستنباط ومنازل التقريب للغرباء المألهين ومنازل التوقع لأصحاب البراقع من أجل السبحات ومنازل البركات لأهل اعلحركات ومنازل الأقسام لأهل التدبير من الروحانيين ومنازل الدهر لأهل الذوق ومنازل الأنية لأهل المشاهدة بالأبصار ومنازل اللام والألف للالتفاف الحاصل بالتخلق بالأخلاق الإلهية ولأهل السر الذي لا ينكشف ومنازل التقرير لأهل العلم بالكيمياء الطبيعية والروحانية ومنازل فناء الأكوان للضغائن المخدرات ومنازل الألفة لأهل الأمان من أهل الغرف ومنازل الوعيد للمتمسكين بقائمة العرش الأمجد ومنازل الاستخبار لأهل غامضات الأسرار ومنازل الأمر للمتحققين بحقائق سره فيهم وأما صفاتهم فأهل المدح لهم الزهو وأهل الرموز لهم النجاة من الاعتراض وأما المتألهون فلهم التيه بالتخلق وأما أهل الأحوال والاتصال فلهم الحصول على العين وأما أهل الإشارة فلهم الحيرة عند التبليغ وأما أهل الاستنباط فلهم الغلط والإصابة وليسوا بمعصومين وأما الغرباء فلهم الانكشار وأما أهل البراقع فلهم الخوف وأما أهل الحركة فلهم مشاهدة الأسباب والمدبرون لهم الفكر والممكنون لهم الحدود وأهل المشاهد لهم الجحد وأهل الكتم لهم السلامة وأهل العلم لهم الحكم على المعلوم وأهل الستر منتظرون رفعه وأهل الأمن في موطن الخوف من المكر وأهل القيام لهم القعود وأهل الإلهام لهم التحكم وأهل التحقيق لهم ثلاثة أثواب ثوب إيمان وكفر ونفاق وأما ذكر أحوالهم فاعلم أن الله تعالى قد هيأ المنازل للنازل ووطأ المعاقل للعاقل وزوى المراحل للراحل وأعلى المعالم للعالم وفصل المقاسم للقاسم وأعد القواصم للقاصم وبين العواصم للعاصم ورفع القواعد للقاعد ورتب المراصد للراصد وسخر المراكب للراكب وقرب المذاهب للذاهب وسطر المحامد للحامد وسهل المقاصد للقاصد وأنشأ المعارف للعارف وثبت المواقف للواقف ووعر المسالك للسالك وعين المناسك للناسك وأخرس المشاهد للشاهد وأحرس الفراقد للراقد ذكر صفات أحوالهم فإنه سبحانه جعل النازل مقدرا والعاقل مفكرا والراحل مشمرا والعالم مشاهدا والقاسم مكابدا والقاصم مجاهدا والعاصم مساعدا والقاعد عارفا والراصد واقفا والراكب محمولا والذاهب معلولا والحامد مسؤلا والقاصد مقبولا والعارف مبخوتا والواقف مبهوتا والسالك مردودا والناسك مبعودا والشاهد محكما والراقد مسلما فهذا قد ذكرنا صفات هؤلاء التسعة عشر صنفا في أحوالهم فلنذكر ما يتضمن كل صنف من أمهات المنازل وكل منزل من هذه الأمهات يتضمن أربعة أصناف من المنازل الصنف الأول يسمى منازل الدلالات والصنف الآخر يسمى منازل الحدود والصنف الثالث يسمى منازل الخواص والصنف الرابع يسمى منازل الأسرار ولا تحصى كثرة فلنقتصر على التسعة عشر ولنذكر أعداد ما تنطوي عليه من الأمهات وهذا أولها منزل المدح له منزل الفتح فتح السرين ومنزل المفاتيح الأول ولنا فيه جزء سميناه مفاتيح الغيوب ومنزل العجائب ومنزل تسخير الأرواح البرزخية ومنزل الأرواح العلوية ولنا في بعض معانيه من النظم قولنا والراكب محمولا والذاهب معلولا والحامد مسؤلا والقاصد مقبولا والعارف مبخوتا والواقف مبهوتا والسالك مردودا والناسك مبعودا والشاهد محكما والراقد مسلما فهذا قد ذكرنا صفات هؤلاء التسعة عشر صنفا في أحوالهم فلنذكر ما يتضمن كل صنف من أمهات المنازل وكل منزل من هذه الأمهات يتضمن أربعة أصناف من المنازل الصنف الأول يسمى منازل الدلالات والصنف الآخر يسمى منازل الحدود والصنف الثالث يسمى منازل الخواص والصنف الرابع يسمى منازل الأسرار ولا تحصى كثرة فلنقتصر على التسعة عشر ولنذكر أعداد ما تنطوي عليه من الأمهات وهذا أولها منزل المدح له منزل الفتح فتح السرين ومنزل المفاتيح الأول ولنا فيه جزء سميناه مفاتيح الغيوب ومنزل العجائب ومنزل تسخير الأرواح البرزخية ومنزل الأرواح العلوية ولنا في بعض معانيه من النظم قولنا
منازل المدح والتباهي . . . منازل ما لها تناهي
لا تطلبن في السمو مدحا . . . مدائح القوم في الثرى هي
صفحة ٢٢٩