وكذلك من شبهه وما نزهه فقد قيده وحدده وما عرفه . ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه بالوصفين على الإجمال - لأنه يستحيل ذلك على التفصيل لعدم الإحاطة بما في العالم من الصور - فقد عرفه مجملا لا على التفصيل كا عرف نفسه مجملا لا على التفصيل . ولذلك ربط النبي صلى الله عليه وسلم معرفة الحق بمعرفة النفس فقال : "من عرف نفسه عرف (1) ربه " . وقال تعالى : (2) وسنريهم آياتنا في الآفاق وهو ما (3) خرج عنك ووفي أنفسهم وهو عينك ، وحقى يتبين لهم ، أي للناظر " أنه الحق " من حيث إنك صورته وهو روحك . فأنت له كالصورة الجسمية لك ، وهو (4) لك كالروح المدبر لصورة جسدك . والحد يشمل الظاهر والباطن منك : فإن الصورة الباقية إذا زال عنها الروح المدبر لها لم تبق إنسانا ، ولكن يقال فيها إنها صورة الإنسان ، فلا فرق بينها وبين (17 -1) صورة من خشب أو حجارة ولا ينطلق (5) عليها اسم الإنسان (6) إلا بالمجاز لا بالحقيقة . وصور العالم لا يمكن (7) زوال الحق عنها أصلا . فحد الألوهية (8) له بالحقيقة لا بالمجاز كما هو حد الإنسان إذا كان حيا . وكما أن ظاهر صورة الإنسان تثني بلسانها على روحها ونفسها والمدبر لها ، كذلك جعل الله صورة (9) العالم تسبح بحمده ولكن لا نفقه تسبيحه لأنا لا نحيط بما في العالم من الصور فالكل ألسنة الحق ناطقة بالثناء على الحق ولذلك قال الحمد لله رب العالمين أي إليه يرجع عواقب الثناء فهو المثنى عليه:
صفحة ٦٩