علميا بحتا مهما كان موضوعه خلت أنك تقرأ بحثا أدبيا جامعا، لقوة اسلوبه ومتانته ونصاعته، يعجبك بيانه المستجمع لكل العناصر الأدبية، مع لطف مواقعه من القلوب، وسرعة تأثيره في النفوس.
وبعد اجتياز هذه المرحلة فمؤلفاته كثيرة أيضا من حيث الكمية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ملكة خصبة أصيلة، ومناعة حية قويمة، تثبت لمترجمنا عمالقة علم، وبطولة فكر وجهابذة أدب.
والذي يبدو من كتب التاريخ والتراجم أن الشيخ نور الدين كانت له كتب معروفة في الأوساط، مشتهرة عند العلماء، منتشرة بين الناس، فتراهم يعرفونه بها لاشتهارها وتداولها.
ولا نغالي بشيء إذا قلنا بأن للعديد من علماء الإسلام باعا كبيرا ويدا طولى في البحث والتأليف والتجديد والإبداع، متخطين الحدود التقليدية التي بقي البعض يدور في خللها ويقتات من فتاتها، فيبتدئ وينتهي حيث ما ابتدأ منه.
وإذا حفظت لنا صفحات التاريخ أسماء العديد من اولئك الأعلام البارعين والعباقرة المبدعين فإن من حق ذلك التاريخ أن يزين صفحاته تلك بذكر سيرة ومؤلفات عالم فذ شهد القرن التاسع إبداعاته ونتاجاته المتعددة المشارب والأشكال.
نعم، لقد أبدع يراع العلامة ابن الصباغ رحمه الله في إغناء المكتبة الإسلامية بالجم الكثير من المؤلفات القيمة والبحوث الرائعة في شتى العلوم والمعارف الإسلامية المختلفة، بشكل قل نظيره وتضاءل مثاله.
وسأحاول من خلال هذه الأسطر استعراض ما أمكنني حصره من مؤلفاته تلك، بأبوابها وعلومها المختلفة، المطبوعة منها والمخطوطة، دون اسهاب أو تفصيل.
1- الفصول المهمة في معرفة الأئمة: وهو هذا الكتاب الذي بين يديك أيها
صفحة ٢٢