الفصول المفيدة في الواو المزيدة

صلاح الدين العلائي ت. 761 هجري
57

الفصول المفيدة في الواو المزيدة

محقق

حسن موسى الشاعر

الناشر

دار البشير

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ ١٩٩٠م

مكان النشر

عمان

وَأمر ﷺ ذَلِك الْخَطِيب بِالْإِفْرَادِ لِئَلَّا يُوهم كَلَامه التَّسْوِيَة وَهُوَ مثل الحَدِيث الْمُتَقَدّم من قَوْله ﷺ (لَا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وشئت قُولُوا مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت) وَهَذَا يرد عَلَيْهِ أَن حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم فِيهِ تَعْلِيم النَّبِي ﷺ أمته تِلْكَ الْخطْبَة ليقولوها عِنْد الْحَاجة وَفِيه (وَمن يعصهما) فَيدل على عدم الخصوصية بِهِ إِلَّا أَن يُقَال يُؤْخَذ من مَجْمُوع الْحَدِيثين أَن يَقُولُوا فِي خطْبَة الْحَاجة (وَمن يعْص الله وَرَسُوله) كم علم النَّبِي ﷺ ذَلِك الْخَطِيب وَيكون حَدِيث ابْن مَسْعُود فِيهِ تَعْلِيم أصل خطْبَة الْحَاجة لَا بِجَمِيعِ ألفاظها وَفِيه نظر وَثَانِيها أَن النَّبِي ﷺ حَيْثُ أنكر على ذَلِك الْخَطِيب كَانَ هُنَاكَ من يتَوَهَّم مِنْهُ التَّسْوِيَة بَين المقامين عِنْد الْجمع بَين الاسمين بضمير وَاحِد فَمنع من ذَلِك وَحَيْثُ لم يكن هُنَاكَ من يلبس عَلَيْهِ أَتَى بضمير الْجمع وَهَذَا لَعَلَّه أقرب من الَّذِي قبله وَثَالِثهَا أَن ذَلِك الْمَنْع لم يكن على وَجه التحتم بِدَلِيل الْأَحَادِيث الآخر بل على وَجه النّدب والإرشاد إِلَى الْأَوْلَوِيَّة فِي إِفْرَاد اسْم الله تَعَالَى بِالذكر من التَّعْظِيم اللَّائِق بجلاله وَهَذَا يرجع فِي الْحَقِيقَة إِلَى مَا قَالَه أَئِمَّة الْأُصُول أَولا لَكِن بِزِيَادَة أَن ذَلِك لَيْسَ حتما وَحِينَئِذٍ فَلَا تكون الْوَاو مقتضية للتَّرْتِيب وَرَابِعهَا أَن ذَلِك الْإِنْكَار كَانَ مُخْتَصًّا بذلك الْخَطِيب وَكَأن النَّبِي ﷺ فهم عَنهُ أَنه لم يجمع بَينهمَا فِي الضَّمِير إِلَّا لتسويته بَينهمَا فِي الْمقَام فَقَالَ لَهُ (بئس الْخَطِيب أَنْت) فَيكون ذَلِك مُخْتَصًّا بِمن حَاله كَذَلِك وَلَعَلَّ هَذَا الْجَواب هُوَ الْأَقْوَى لِأَن هَذِه الْقِصَّة وَاقعَة عين وَمَا ذَكرْنَاهُ مُحْتَمل ويؤثر هَذَا الِاحْتِمَال فِيهَا أَن يحمل على الْعُمُوم فِي حق كل أحد

1 / 92