فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس

فراس السواح ت. 1450 هجري
220

فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس

تصانيف

قال منشيوس: «إذن دعني أقل لك ما هو مرادك حقا. أنت راغب في توسيع سلطانك ليشتمل على دولتي تشي وتشو، وتحكم المناطق الوسطى، وتخضع القبائل على المناطق الحدودية. ولكن تحقيق هذا الطموح بوسائلك هذه هو أشبه بتسلق شجرة من أجل اصطياد سمكة.» قال الملك: «هل الأمر بهذا السوء؟» قال منشيوس: «ربما أسوأ؛ لأن فشلك في اصطياد سمكة بتسلق شجرة لن يؤدي إلى نتائج كارثية، أما إذا بذلت كل جهد ممكن لتحقيق هدفك بمثل هذه الوسائل فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى نتائج كارثية.» قال الملك: «هلا تقول لي لماذا؟»

قال منشيوس: «إذا وقعت حرب بين جو وتشو، فمن سيفوز برأيك؟» قال الملك: «تشو سوف تفوز.» قال منشيوس: «هذا صحيح؛ لأن دولة صغيرة لا تقدر على الوقوف في وجه دولة كبيرة، والقلة لا تهزم الكثرة، والضعيف لا يصد القوي. في البلاد الآن تسع مناطق نفوذ مساحة كل منها ألف لي

Li

مربع، ومن بينها إمارة تشي. فإذا كنت بمنطقة نفوذك هذه تحاول إخضاع المناطق الثمانية الأخرى، سيكون مثلك في ذلك مثل محاولة جو هزيمة تشو؛ لهذا أقول لك دعنا نعد إلى الأساسيات.

الآن، إذا عمل جلالتك وفق مبادئ الحكم الرشيد في مملكتك، فإن كل من يبحث عن عمل حكومي سوف يطلب عملا عندك، وكل الفلاحين سيهفون إلى العمل في أراضيك، وكل التجار سيقصدون أسواقك، وكل الرحالة سيتطلعون إلى الترحال على طرقاتك، وكل من يكرهون حكامهم سيأتونك لرفع شكاواهم إليك. إذا حصل ذلك، فمن يقدر على الوقوف في وجهك؟»

قال الملك: «أنا مشوش الذهن، ولا أستطيع فهم هذه الأقوال؛ ولذلك ألتمس منك أيها المعلم أن تعينني بتوجيهات واضحة، ولسوف أعمل على تطبيقها على الرغم من بطء فهمي.»

قال منشيوس: «المثقفون فقط هم القادرون على الحفاظ على قلب ثابت دونما وسائل عيش ثابتة، أما العامة فإنهم إذا افتقدوا وسائل العيش الثابتة، فلا يقدرون على الحفاظ على قلب ثابت، وبدونه تراهم مستعدين لارتكاب كل أنواع الجرائم؛ وعندها سيتوجب عليك معاقبتهم، وسيكون ذلك مثل من ينصب فخا لاصطيادهم، فكيف يمكن لحاكم رشيد أن ينصب فخا لرعيته؟ لذا فإن العاهل الحكيم هو الذي يعمل على تأمين سبل العيش للناس لكي يقدروا على رعاية آبائهم وإعالة زوجاتهم وأولادهم، بحيث يكون لديهم طعام كاف في سنوات الوفرة، ويتفادون المجاعة في السنوات العجاف؛ وعندها يمكن أن يوجههم لسلوك سبل الخير ويحصل بسهولة على ولائهم.

إن ما اتخذته من سياسات حتى الآن قاصر عن تأمين سبل العيش للناس بما يكفي لرعاية آبائهم وإعالة زوجاتهم وأولادهم، وهم يعانون حتى في سنوات الوفرة، أما في السنوات العجاف فلا مهرب من الموت جوعا. في مثل هذه الأحوال، فإن البقاء على قيد الحياة يتطلب منهم بذل طاقة أكثر مما لديهم، فمن أين لهم أوقات فراغ لتعلم الواجبات وأصول المعاملات؟

إذا كنت يا صاحب الجلالة راغبا حقا في عمل شيء، بخصوص ما قلت، فلتركز على الأساسيات. دع أشجار التوت تزرع في كل مساحة مقدارها خمسة مو حول البيوت؛ وسوف تتهيأ لمن بلغوا الخمسين من العمر ملابس حريرية. دع الدجاج والخنازير والكلاب تربى في مواسم تكاثرها؛ ولن ينقص اللحم من موائد من بلغوا السبعين. لا تعرقل مواعيد العمل الزراعي في كل أرض مساحتها مائة مو؛ ولن تشكو الأسر الكثيرة العدد من الجوع. وجه اهتمامك للتعليم في مدارس القرى حيث يلقن الأولاد بر الوالدين ومحبة الإخوة؛ ولن ترى شيخا في الطريق يحمل أثقالا. عندما يرتدي المتقدمون بالسن الحرير ويأكلون اللحم، ولا يشكو الشعب من البرد والجوع؛ فإن حاكمهم لن يفشل في أن يكون ملكا حقا وموحدا للبلاد.»

الباب الثاني: هوي ملك ليانغ «2»

صفحة غير معروفة