المأمور به في وقت لا يعلمه أو مع الرخصة في التأخير ولا إلى الثاني للزوم خروج الواجب عن كونه واجبا إذ ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه هو المندوب لا يقال لا نسلم حينئذ لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا لان المكلف إن علم ب آخر أزمنة الامكان أو ظنه عوقب على تركه فيه لأنا نقول عدم الخروج حال العلم أو الظن لا يجدي في الخروج حال عدمهما فيبقى المحذور بحاله في بعض الصور وهو ما إذا لم يحصل العلم أو الظن ب آخر أزمنة الامكان وهو كاف في لزوم الاشكال إذ يكفي في فساد حكم لزوم الفساد على بعض تقاديره وأيضا هذا التحديد بظاهره يوجب سقوط التكليف فيهما إذا عصي بالتأخير وانكشف الخلاف لخروج الوقت والتزامه كما وقع عن القاضي ضعيف لأنه تقييد لاطلاق الأوامر من غير دليل فإن قيل المراد وجوب الاتيان بالفعل عند العلم أو الظن بالفوات لما دل على وجوب التعويل عليهما لان آخر أزمنته وجوب الفعل فلا يلزم حينئذ خروج الوقت إذا انكشف الخلاف قلنا فإذن هناك أمران أحدهما طلب الفعل والمنع من تأخيره عن زمان لا يعلمه المكلف و الثاني وجوب الاتيان به عند العلم أو الظن بالفوات والكلام إنما هو في صحة التكليف على الوجه الأول إذ منه ينشأ الاشكال ويلزم التكليف بالمحال دون الثاني والاعتذار بأن انضمام الثاني إلى الأول يصححه ويسوغه ممنوع وأما انتفاء التالي فظاهر إذ لا إشعار في الامر بتعيين الوقت ولا عليه دليل من خارج بحكم الفرض والجواب أما أولا فبالنقض تارة بما لو صرح بجواز التأخير فإنه لا كلام في إمكانه وأخرى بالواجبات الموسعة التي تمتد بامتداد العمر فإن ثبوتها في الجملة ولو في النذر وشبهه ليس مما ينكر وعلى تقديره يلزم الاشكال المذكور بعينه بل يتجه النقض أيضا بالواجبات الموسعة إلى وقت معين إذا صارف المكلف في أثنائها ما يوجب فواتها فيلزم فيه ما ذكر من لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا أو التكليف بالمحال وأما ثانيا فبالحل وهو أنا لا نسلم أنه يجب عليه أن لا يؤخر الفعل عن وقت لا يعلمه بل يجب عليه أن لا يؤخر إذا علم ب آخر أزمنة الامكان أو ظنه ونمنع لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا على تقديره نظرا إلى عدم ترتب العقاب على تركه مع عدم العلم أو الظن به إذ الواجب على ما يساعده عليه التحقيق هو ما ألزم الشارع بفعله أو ما يستحق على تركه العقاب من غير بدل ولا عذر والجهل ب آخر أزمنة الامكان عذر فلا يضر عدم الاستحقاق على تقديره وأجاب العضدي تبعا للحاجبي عن الوجه الأول بالمنع من لزوم التكليف بالمحال على تقديره فإنه إنما يلزم إذا تعين التأخير وأما إذا جاز فلا لامكان الامتثال بالمبادرة وتبعهما على هذا الجواب صاحب المعالم وأورد عليه بعض الأفاضل بأن هذا وإن رفع التكليف بالمحال إلا أنه التزام بوجوب الفورية في العمل لتحصيل البراءة إذ جواز التأخير حينئذ مشروط بمعرفة لا يمكن تلك المعرفة فينحصر الامتثال بالمبادرة فيجب الفور وتنظر فيه بعض المدققين بأن جواز التأخير غير مشروط بمعرفة ممتنعة نعم العلم بالجواز مشروط بمعرفة ممتنعة واللازم منه عدم حصول العلم بالجواز لا عدم الجواز في الواقع وتوقف الجواز على العلم به ممنوع ثم قال فعلى هذا لو أخر و تيسر له فعله لم يأثم وإلا أثم ولا امتناع في مثل هذا التكليف وهذا النظر حكاه الفاضل المعاصر بالمعنى لكن تصرف فيه بزيادة حيث علل عدم توقف الجواز على العلم ب آخر أزمنة الامكان بأن الجواز في نفس الامر لا يتوقف على العلم بالجواز بل يكفي فيه عدم العلم بالمنع على ما يقتضيه أصالة الإباحة ولا يخفى أن هذا التعليل لا يلائم كلام المنظر بل يفسده وذلك لان غرض المنظر على ما يشهد به نص كلامه أن جواز التأخير مشروط بنفس تيسر الفعل مع التأخير فإن صادف الشرط لم يعص وإلا عصي وأنه لا مدخل للعلم في ذلك فلا يلزم القول بالفورية لعدم العصيان بالتأخير حينئذ على تقدير تيسر الفعل في الزمن المتأخر وهذا كما تراه مبني على دعوى أن هناك جوازا واحدا هو الجواز الواقعي المشروط بالتيسر يناط به عصيان المكلف وعدمه وظاهر أن أصالة عدم المانع إنما تثبت الجواز الظاهري وهو ينافي ما أراده لأنه يوجب عدم العصيان على تقدير عدم تيسر الفعل أيضا ثم ما ذكره المنظر مبني على جواز خلو مثل تلك الواقعة عن حكم ظاهري والتزامه غير بعيد بناء على عدم الملازمة بين العقل والشرع إذ اشتراط التكليف بالعلم على إطلاقه ممنوع وإنما المسلم منه ما أدى إلى التكليف بما لا يطاق وحصوله في المقام في محل المنع لامكان الامتثال بالمسارعة وسيأتي لهذا مزيد تحقيق إن شاء الله عند بحث الواجب الموسع ومن هنا يتبين وجه منع آخر على الوجه الأول من الوجه الثاني من بيان بطلان التالي وقد يوجه كلام المورد بوجوب الاحتياط وبأن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ولا يتم إلا بالمبادرة وكلاهما ضعيف لان وجوب الاحتياط في مثل المقام ممنوع والمسلم من قضية الشغل اليقيني استدعاؤه الفراغ اليقيني بمعنى قبل ما يقطع بأنه مأمور به وهذا لا تعلق له بالمقام واعلم أن جواز التأخير على القول بعدم وجوب الفور مشروط بحسب الواقع بتمكن المكلف عن الامتثال في الزمن المتأخر وأما بحسب الظاهر فيجوز أن يوجب الفور كما زعمه المورد فيعصى بالتأخير مطلقا وإن تيسر له الفعل أو يجوز له التأخير فلا يعصى بتأخيره مطلقا وإن فاجأه المانع أو لا يكون هناك حكم ظاهري أصلا كما زعمه المنظر فيدور عصيانه وعدمه مدار الواقع فكما أن الاحتمال الأول مناف لظاهر ما بصدده المجيب كذلك الاحتمال الأخير غير متعين عليه لجواز أن يلتزم بالوجه المختار ومن هنا يتبين أن كلا من كلامي المورد والمنظر ليس على ما ينبغي السادس والسابع أن النهي يفيد الفور فكذلك الامر قياسا عليه بجامع الطلب وأن الامر بالشئ يقتضي النهي عن الضد والنهي يقتضي الفور فيلزم الفور في المأمور به والجواب عنهما يظهر مما مر في بحث نفي التكرار التام أن الامر فعل وقد أطبق النحاة على أن كل فعل مقترن بأحد الأزمنة بحسب أصل الوضع حتى إنهم اعتذروا عن كاد وغيرها من الافعال المنسلخة عن الزمان بأنها كانت مقترنة بالزمان بحسب أصل الوضع ثم انسلخت عنه في الاستعمال حتى هجر معناها الأصلي فإذا ثبت أن الامر يدل على الزمان بحسب أصل الوضع فليس إلا الحال والأصل عدم الهجر مع أن أحدا لم يدع خلاف ذلك والجواب أن الاتفاق المذكور غير ثابت كيف واحد أئمتهم ابن الحاجب وهو و إن وافقهم على ذلك في كافيته لكن خالفهم في مختصره حيث أخذ فيه بمقالتنا مع أن إجماعهم منقوض بمخالفة أكثر محققي علماء الأصول المؤيد
صفحة ٧٧